علمت ''الخبر'' من مصادر عليمة، أن الحكومة عمدت الى اتخاذ تدابير ترمي الى تقليص اللجوء الى مكاتب الاستشارة والخبرة الدولية والعمل مع المكاتب الخاضعة للقانون الجزائري أو المكاتب الجزائرية. ويأتي الإجراء في سياق عام يهدف إلى تقليص فاتورة استيراد الخدمات وتقليص التحويلات المالية إلى الخارج. تكمل التدابير المتخذة تلك التي اعتمدت من قبل بنك الجزائر سابقا فيما يخص تأطير وتحديد عمليات التحويل للعملة الصعبة فيما يتعلق بالخدمات. ولكن أيضا الإجراءات المدعمة لتوظيف المؤسسات الجزائرية وإعطائها الأولوية خلال المخطط الخماسي 2010/2014، خاصة بعد أن بلغت واردات الخدمات مستوى قياسي ببلوغه عام 2009 لقيمة 7 ,11 مليار دولار. ويساهم الارتفاع الكبير لواردات الخدمات في تسجيل اختلال في ميزان المدفوعات الجزائري. خاصة وأن هذه القيمة تضاعفت ب 7 ملايير دولار في ظرف ثلاث سنوات، وهو العامل الذي دفع السلطات العمومية الى التفكير في آليات جديدة للحد من الارتفاع المنتظم والمتواصل لفاتورة الاستيراد. خاصة وأن السلطات تعي النقص المسجل في مجال الخبرة وبالتالي الحاجة إلى اللجوء الى مصاحبة المكاتب الدولية. ومن بين التدابير المرتقب تطبيقها اللجوء والاعتماد على مكاتب الخبرة والدراسات الخاضعة للقانون الجزائري وإعطاء الأولوية للخبرة المجلية تدريجيا، بدلا من اللجوء آليا الى استقدام الخبراء الدوليين الذين تبيّن لجوءهم إلى المناولة مع مكاتب جزائرية في مختلف الأعمال التي يقومون بها. وبالتالي، فإن اللجوء مباشرة إلى الخبرة المحلية سيقلّص نوعا ما الحاجة إلى الاستعانة بالخبرة الدولية مباشرة. وجاء التحرك الرسمي بعد التقارير الصادرة عن بنك الجزائر بالخصوص والتي أفادت أن إجمالي الواردات الجزائرية في مجال الخدمات بلغت سنة ,2009 ما يعادل 7 ,11 مليار دولار، مقابل 08 ,11 مليار دولار عام 2008، أي بزيادة قدرت ب96 ,4 بالمئة، مقابل 93, 6 مليار دولار سنة 2007 و78 ,4 مليار دولار العام ,2006 بمعنى أن فاتورة الخدمات قفزت في الحقيقة بواقع 7 مليارات دولار تقريباً في ظرف ثلاث سنوات. واستنادا الى تقديرات خبراء جزائريين. فإن قيمة التحويلات المالية لعمل الخبرة الدولية تقدر سنويا ما بين 2 إلى 3 ملايير دولار وتشمل مختلف الأعمال التي تقوم بها المكاتب من مصاحبة وعمليات تدقيق حسابي ودراسات سوق وجدوى وغالبا ما تقوم الفرق المتخصصة التي تسند إليها مهمة المصاحبة والدراسات بتعيين خبراء رئيسيين يشرفون على العملية، في حين يتم الاستعانة بالخبرة المحلية في جمع المعطيات التي تساعد في القيام بعمليات المصاحبة أو التدقيق الحسابي أو دراسات السوق والجدوى. ومن بين المؤشرات التي ستساهم في ضمان تقليص اللجوء مباشرة الى الخبرة الدولية الأجنبية، إقدام أهم مكاتب الخبرة والدراسات الدولية إلى فتح فروع لها بالجزائر تخضع للقانون الجزائري وتوظيف خبراء جزائريين وتكوينهم أيضا. ومن المكاتب التي تعمل منذ سنوات بالجزائر عبر فروعها ك''بي.أم.جي'' و''أرنست أند يونغ'' و''دولويت'' وأخيرا ''برايووتر 7هاوس كوبر'' التي تعتبر أكبر أربع مكاتب دراسات وخبرة عالمية والتي فتحت جلها فروعا بالجزائر لمباشرة أعمالها. وقد كان مجمع سوناطراك بالخصوص يستعين بالخبرة الدولية في عمليات التقييم والدراسات التي يقوم بها. كما كانت مختلف الوزارات تتعاقد مع ''أرسنت أند يونغ'' و''أندرسن'' قبل أن يختفي عام 2002 إثر فضحية ''أنرون''، فضلا عن ''كوبر اند لايبرايد'' قبل أن تختفي أيضا للقيام بدراسات خاصة، من بينها الدراسات المتعلقة بتطوير الصناعة الجزائرية وإعادة هيكلة المؤسسات، فضلا عن اعتماد البنوك على هذه المكاتب الدولية لتطوير التسيير الداخلي وأنظمة المعلومات. ويتزامن الإجراء مع تدابير ترمي إلى الرفع من نسبة إعادة التأمين الوطني، من خلال حصة الشركة المركزية لإعادة التأمين وإلزام شركات التأمين الجزائرية تخصيص نسبة تصل 50 بالمائة إجباريا لإعادة التأمين محليا بدل اللجوء إلى شركات إعادة التأمين الدولية بالخارج في إطار تقليص التحويلات أيضا.