رحل الشيخ عبد الرحمان الجيلالي. رحل العالم، المؤرخ، الفقيه. ويقول الحكماء إن موت قرية أهون من موت عالم، وكأن مكتبة أحرقت أو ضاعت، لأن عبد الرحمان الجيلالي، والعلماء مثله، كأنهم مكتبات كاملة تضيع، عندما يرحلون عن عالمنا ومجتمعنا، الذي ينعم في الشقاوة والجهل. ترك عبد الرحمان الجيلالي تراثا من المؤلفات في التاريخ والفكر، والفن، وعمرا كاملا من الفتاوى الشرعية، اهتدى بها ملايين الجزائريين، على امتداد عشرات السنين، وهو يطل بصوته المتميز وبساطته وحكمته، ودقته المتناهية في الذكاء والفطنة، فملك القلوب وأنار العقول. ذهب عبد الرحمان الجيلالي، وترك علما ينتفع به الناس، لكن ماذا كسب، وماذا قدم الجهلة والمتفيهقون الذين كانوا يتطاولون على علمه، بألسنتهم السليطة، ويأكلون لحمه. تعسا لهم، وتبت أيديهم! رحل العالم الجليل، فقد ثلمت فيه الجزائر والإسلام العظيم ثلما لا يسده شيء. أما الزنادقة والجهلة الذين تطاولوا على العلماء، وجرحوا فيهم وناصبوهم العداء، يوم كان ''الداب راكب مولاه'' في بلادنا، فلن يذكرهم التاريخ. سيجعلهم الله نسيا منسيا، لأنهم ضلوا وأضلوا، وكانوا ولا يزالون عارا على هذه الأمة، وعلى الإسلام والمسلمين، البراء منهم ومن أقوالهم وأفعالهم، إلى يوم الدين. عبد الرحمان الجيلالي كان يفتي لتعليم الناس دينهم الحق. وكان يفعل ذلك عن علم حباه الله به، وسيجزيه ربه عن الأمة خير الجزاء مثلما وعد. ولكن ''علماء'' البوكيمون، وتحريم الزلابية، فسيعمرون، ولن يتركوا وراءهم أثرا ذا بال، سوى الفتاوى المضحكة، والآراء المخبولة، يتندّر بها الأطفال، ويرويها السذج والمعتوهون على مر العصور. [email protected]