كراء آليات الصوت لمنظمي التظاهرات الرسمية ب900 مليون لليوم الواحد فتحت مصالح الأمن أحد أكبر ملفات التحايل على القوانين والاغتناء على حساب الخزينة، من طرف عدد من شركات عتاد الصوت والموسيقى الذي يتم استيراده خصيصا لتأجيره في التظاهرات والاحتفالات الفنية والثقافية التي تنظمها وزارة القطاع أو قطاعات أخرى. الآليات تدخل في إطار الحيازة المؤقتة لظرفية استعمالها ولا تدفع مقابلها أية رسوم، غير أنها في الأخير تباع في السوق السوداء باستعمال حيلة في غاية الذكاء، تخسر بسببها الخزينة الملايير وتحصد مقابلها تلك الشركات الضعف. انكشفت الفضيحة في سياق تحريات مصالح الأمن، وهي تحريات شملت صفقات بعض التظاهرات الثقافية والفنية الكبرى التي نظمتها الجزائر منذ سنة ,2003 حيث تبين أن عددا محدودا من شركات الصوت والموسيقى ممن افتكت صفقات تأجير عتادها المستورد في إطار الحيازة المؤقتة، أنها فضلا عن جنيها مقابل عقود إيجار عتادها لما يقارب مليار سنتيم لليوم الواحد، فإنها ضللت مصالح الجمارك، وعوض إعادة تصدير عتادها الممنوع بقاؤه لأنه قديم ومعفى من الرسوم بعد انقضاء التظاهرة، فإنهم يسوقونه في السوق السوداء دون فواتير، بعد أن اهتدوا لحيلة يصعب اكتشافها. وقارب ما حلبته تلك الشركات من الخزينة العمومية، خلال التظاهرات، 100 مليار سنتيم دون دفع أدنى التكاليف أو الرسوم. وتتمثل طريقة التضليل وحصولهم على شهادة إعادة التصدير، من خلال إعادة تصدير هياكل الأجهزة والآليات الموسيقية، على اعتبار أن الأرقام التسلسلية مطبوعة عليها، وبالمقابل تبقى التجهيزات كاملة بدون هياكل هنا. هذه الأخيرة تستورد لها فيما بعد هياكل جديدة بأسعار منخفضة، لتركب عليها ثم تباع في السوق السوداء دون فواتير. ويتمثل وجه المخالفات، حسب مصادر على صلة بالتحريات الجارية، في كون تلك الآليات وعتاد الصوت قديم وممنوع من التسويق، بالإضافة إلى أنه دخل كعتاد مؤجر من الخارج وبموجب شهادات حيازة مؤقتة خلال فترة التظاهرة. وهنا يقع على عاتق تلك الشركات طائلة استيراد عتاد محظور والتصريح المزور بخصوص أنها مؤجرة، فضلا عن التهرب الضريبي والجمركي وتسويق عتاد محظور من الاستيراد دون فواتير، وكلها مخالفات تحمل الطابع الجنائي ومخالفة لقوانين التجارة الخارجية التي تنتهي بفرض غرامات وحجز البضاعة. وحصدت بعض الشركات المحظوظة في افتكاك اتفاقيات خلال التظاهرات، الملايير على ظهر الخزينة، من خلال ما يحصلونه بشكل رسمي من طرف الهيئات التي مكنتهم من الصفقة، تضاف إليها قيمة آليات العزف والصوت التي لا تقل أسعار الواحدة منها عن 30 مليون سنتيم، تباع في السوق السوداء بعد استبدال هياكلها المصدرة للتضليل بهياكل جديدة تستورد فيما بعد. وتضاف إلى تلك الأرباح أرقام أخرى لا تقل عنها وتتمثل في التهرب من دفع الرسوم الجمركية والضريبية. وبالطريقة التي اعتمدتها، لم تترك تلك الشركات آثارا للمخالفات على اعتبار أنهم أعادوا تصدير آلياتهم ويملكون شهادات إعادة تصدير عتاد حيازته مؤقتة، رغم أنهم في الحقيقة لم يصدروا سوى هياكل فارغة. لكن الطريقة الوحيدة التي ألصقت بهم التهمة، حملة مطالبة باعة العتاد الموسيقي بالفواتير وتقديم ما يثبت مصدر تلك الآليات. للإشارة، فإن عدد الشركات التي تورطت في الفضيحة يفوق ,5 منها التي ذكرت خلال التحقيقات الأولية، ومنها التي تنتظر دورها. وهو ملف ستنكشف تفاصيله بعد نهاية التحقيقات والإحالة على العدالة.