أكدت تحقيقات مصالح الأمن أن مصدر النقود المزوّرة ذات التقنية العالية هو دولة في شرق آسيا، وقد وصلت كميات منها إلى الجزائر عبر الجنوب من ميناء في غرب إفريقيا، يرجح بأنه يقع في السينغال أو نيجيريا. كشفت التحقيقات التي تجريها مصالح الأمن المتابعة لملف العملات المزوّرة عالية التقنية، بأن مصدر النقود المزوّرة، خاصة الأوراق من فئة 1000 دينار التي كشفت كميات منها في وكالات بنكية في الجزائر، هو دولة في غرب إفريقيا. وقد وصلت شحنة من الأوراق النقدية من فئة 100 دولار و50 أورو و1000 دينار إلى الجزائر قادمة من دولة في شرق آسيا، يرجح أنها الصين. وتمكنت عصابة دولية مرتبطة بجماعات التهريب في الساحل من ترويج عملتي الدولار والدينار المزوّر بمبالغ ضخمة، قد تتعدى ال100 مليار سنتيم بالعملة الوطنية في الأشهر الماضية، ومبالغ ضخمة بالدولار الأمريكي والأورو. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن مصالح الأمن تلقت إشعارات من وكالات بنكية بوجود أوراق نقدية مزوّرة بتقنية عالية جدا من فئة 1000 دينار منذ صيف عام 2009، ويرجح أن الكميات الأولى من هذه النقود وصلت من الشرق الأقصى إلى موانئ في الجزائر مخبأة في حاويات وبكميات محدودة على سبيل التجربة، ثم وصلت حاويات كاملة من العملة المزيفة إلى دولة في غرب إفريقيا من أجل تأمين وصولها. وأكدت إفادة أحد الموقوفين في قضية تهريب في تمنراست، قبل عدة أشهر، بأن عصابة متخصصة تضم جزائريين عرضت عليه شراء نقود من فئة 1000 دينار مقابل 200 دينار عن كل ورقة في مدينة تساليت بمالي، لكنه رفض. ويرجح المتابعون للتحقيق أن كمية ضخمة من الأموال المزوّرة طبعت في دول في جنوب شرق آسيا، ونقلت بحرا في حاويات إلى موانئ في السينغال ونيجيريا، ثم تم توزيعها في دول غرب إفريقيا، ونقلت كمية هامة منها عبر الجنوب إلى الجزائر، وهو ما أكدته عدة حالات تم فيها إيقاف مهاجرين سريين وبحوزتهم أوراق نقدية جزائرية مزوّرة بتقنية عالية. وتتميز النقود التي ضبطت كميات منها في بنوك جزائرية وتم تداولها بين عامي 2009 و2010 بأنها غير قابلة للكشف يدويا، بل حتى في أجهزة العد الآلي القديمة التي كانت موجودة لدى البنوك والصرافات الآلية، ما يصعّب مهمة المحققين ويجعل متابعة الجناة قضائيا صعبة للغاية. ويكمن عنصر المفاجأة في الأوراق النقدية المزوّرة ذات التقنية العالية في كونها مصنعة بطريقة لا تختلف كثيرا عن الحقيقية، حتى أنها صنعت حسب مصدر ذي صلة بالتحقيقات الجارية باستخدام آلة خاصة بطريقة يمكن من خلالها إدراج العلامة المائية والخيط أثناء عملية تشكيل الورقة، ما يعني وجود استثمار ضخم خلف العملية. وقد استعمل ورق مشابه تماما لأوراق العملات الحقيقية الذي يصنع وفقا لمقاييس دقيقة، ويتضمن أليافا صناعية خاصة، كما أن الحبر المستعمل في الطباعة من نوعية تكاد تطابق الحبر المستعمل في مطابع النقد الرسمية. لكن رغم هذا، فإن آلات الكشف الحديثة الموجودة لدى فروع بنك الجزائر ولدى الوكالات البنكية يمكنها كشف العملات المزوّرة، خاصة الدينار الجزائري. وحصل المحققون على معلومات تفيد أن جزءا من هذه النقود كان يودع بصفة عادية في وكالات بنكية عبر ولايات في الجنوب والشرق والغرب في حسابات أشخاص بعضهم ضحايا، وتشير التحقيقات إلى أن النقود المزوّرة تباع على الأغلب بأسعار عالية قد تصل إلى30 بالمائة من قيمة النقود الحقيقية، بسبب أن تكلفة طبعها ونقلها وتأمينها غالية جدا، وتستغل في الإضرار بالاقتصاد الوطني، ما يعني أن عصابات منظمة بدل جماعات إرهابية قد تكون وراء هذا النشاط.