ساهم تعليق العمل بنظام الحصص المدرج في اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، خاصة بالنسبة للمواد الرئيسية مثل السكر والزيوت، في تسجيل ارتفاع لها، حيث كان المتعاملون في الجزائر يستفيدون من كميات معفاة من الرسوم والتعريفات الجمركية. إلا أن هذا العامل لا يفسر بالضرورة موجة الزيادات غير العادية التي سجّلت مع بداية السنة. سجّلت أسعار المواد الغذائية زيادات معتبرة، قدرت ما بين 25 و50 بالمائة في فترة قصيرة، وشملت العديد من المواد المستوردة مثل السكر والزيوت ومسحوق الحليب. وأرجع خبراء اقتصاديون هذه الزيادة إلى عدة عوامل منها الزيادات المسجلة خلال السنة الماضية والتي أثرت في مستوى الأسعار، أضيف إليها تعليق العمل بنظام الحصص وإعادة فرض الرسوم والتعريفات الجمركية على المواد التي كانت معفاة وتجديد المخزون بالنسبة لمواد غذائية بالأسعار الجديدة المرتفعة. وموجة التضخم التي سادت البلدان الأوروبية، أكبر منطقة مصدّرة باتجاه الجزائر. بالمقابل، لاحظ خبراء اقتصاديون أن مستوى الزيادات في عدد من المواد الغذائية ظلت متفاوتة ولم تأخذ منحنى تصاعديا كبيرا، ولكن عدة عوامل دفعت الأسعار مع بداية السنة مباشرة إلى الارتفاع. ويعتبر الخبير الاقتصادي الدولي جورج ميشال في تصريح ل''الخبر'' أن ''المواد الغذائية عرفت خلال الثلاثي الأخير تقلبات فالحبوب مثلا عرفت زيادات طوال السنة بحوالي 20 بالمائة، ولكن خلال ديسمبر الماضي بلغ سعر القمح الأمريكي في 10 ديسمبر: 327 دولار للطن، وفي 27 ديسمبر 317 دولارا للطن، كما نسجّل مثلا أن أسعار الشحن، وعلى عكس المعتقد، لم تسجل نموا، فقد بلغ 26 دولارا من الولاياتالمتحدة مقابل 36 دولار العام الماضي.'' مضيفا ''نفس الأمر ينطبق على السكر التي عرف تراجعا خلال الشهر الماضي واستقرت أسعار القهوة أيضا، ولكن تبقى هنالك عوامل تدفع إلى الارتفاع في فترات الفراغ وهي مراحل انتقالية، اتسمت بفترات الأعياد، فضلا عن استغلال المضاربين لهذه المرحلة، وتجديد المخزون، ولكن يرتقب أن تعود الأسعار إلى مستويات عادية قريبا''. من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي أرسلان شيخاوي أن ''المضاربة تلعب دورا في تضخيم الأسعار''. معتبرا أن تعليق العمل بنظام الحصص والإعفاء يمكن أن يؤثر، ولكن بصورة نسبية فقط، لأن الكميات ليست كبيرة جدا. فحصة السكر تقدر ب150 ألف طن سنويا، ولكن هذه الكمية تبقى متواضعة، إذا ما قورنت بالكميات التي تستهلك في السوق الجزائري والمقدرة بأكثر من 5 مليون طن. اتحاد التجار يدعو السلطات للتدخّل وتجنّب الانفجار الاجتماعي ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والعدوى تنتقل إلى منتجات ثانوية قفزت أمس، أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع إلى مستوى قياسي بالأخص الزيت والسكر. ونتيجة لهذا الوضع ستشهد أسعار المشروبات الغازية والعصائر والزبادي زيادة في الأيام القادمة. حطم سعر صفيحة الزيت ل 5 لترات بمختلف أنواعه رقما قياسيا مع بداية جانفي الجاري؛ حيث بلغ حدود 880 دج. وفي بعض المناطق كحي دالي إبراهيم بالعاصمة إلى غاية 990 دج، لعلامة فلوريال. أما بالنسبة لزيت ''أليو'' و''عافية'' فقد ارتفع سعر الصفيحة لكلتا العلامتين إلى مبلغ 760 دج مقابل 660 دج. ونفس الأمر ينطبق على السكر الذي ارتفع سعره في العاصمة إلى 120 دج دون سابق إنذار. والأخطر أن هذه الزيادة ستكون مصحوبة بارتفاع خلال الأسبوع القادم، على أقصى تقدير، لأسعار المشروبات ومشتقات الحليب التي يعد السكر أحد أهم مكوناتها. وبدورها تعرف أسعار الخضر والفواكه ارتفاعا يبرره البائعون في المتاجر الخاصة أو الأسواق العمومية بكونها في الأصل خضر غير موسمية منها الفاصولياء الخضراء التي تراوحت أسعارها إلى غاية أمس بين 360 دج و400دج، بينما بلغ سعر الكوسة 140 دج وهي زيادة فجائية، حسب الزبائن المستجوبين، لأنها انتقلت إلى الضعف في ظرف أيام فقط، والأمر ينطبق على الطماطم التي بلغ سعرها في سوق رضا حوحو 100 دج، إضافة إلى ارتفاع أسعار الباذنجان والبزلاء إلى 160دج. أما على مستوى مسمكة السوق فقد وصل سعر السردين إلى 300 دج و 400دج في سوق فرحات بوسعد المتفرّع عن شارع ديدوش مراد. وإذا كان ارتفاع أسعار الخضر والمنتجات المرتبطة بالسكر مفهوما إلى حد ما، وإن كان غير مقبول لدى مواطنين التقيناهم، فإن ارتفاع سعر الزيت يشكل علامة استفهام بالنسبة لهم بعدما تبين أن الأمر ليس له ارتباط بارتفاع أسعار الزيت عالميا. وهذا الرأي يؤيده رئيس الاتحاد العام للتجار والحرفيين الذي اعترف بخطورة الوضع وضرورة تدخل وزارة التجارة وتسقيف الأسعار من أجل الخروج مما وصفه ''بالمتاهة''؛ حيث يتوقع صالح صويلح انعكاسات خطيرة لهذا الارتفاع على الجبهة الاجتماعية، غير مستبعد حدوث احتجاجات في حال عدم تدخل السلطات لوقف التجاوزات. وأشار من جانب آخر أن المراقبة على أسعار الخضر والفواكه يجب أن تسلط من الآن فصاعدا على مصدر المشكل والمتمثل، حسبه، في الفلاحين.