شيّعت، أول أمس، جنازة الشاب فيصل الشيخ بمستغانم، في جو مهيب ووسط سخط عارم من عائلته وأصدقائه. وقد توفي الشاب في ظروف غامضة بتونس التي قصدها رفقة ثلاث من أصدقائه لقضاء ليلة رأس السنة. بينما يوجد كل من الشاب مولود ويوسف في حالة غيبوبة تامة بأحد مستشفيات تونس، في الوقت الذي تستنكر عائلة الضحايا تعامل سفارة الجزائربتونس مع القضية بنوع من الاستخفاف. حسب أهل الضحية، فإن سفارة الجزائر في تونس لم تقدم لهم يد المساعدة ''بل حتى واجب العزاء أو التنقل لمعاينة المرضى غاب عن عرف السفارة''، حيث قالوا لنا إن مصالحها أجابت بعدم قدرتها على التكفل بالضحايا، ما قزّم مشكلتهم في الجانب المادي فقط. وروى لنا يوسف، 20 سنة، أحد الناجين من الليلة السوداء، استطاع العودة إلى أرض الوطن بفضل تدخل عائلته وبإمكانياته الخاصة، ما حدث بقوله إن دخولهم الأراضي التونسية كان صباح يوم 29 ديسمبر، رغبة منهم في قضاء ليلة رأس السنة في أحد فنادق مدينة الحمامات، أين خلدوا للنوم في إحدى الغرف بالفندق. وفي حدود الساعة الواحدة ليلا ،استيقظ مولود، 24 سنة، بعد شعوره بدوّار عميق، فحاول الاتجاه إلى الحمام، لكنه لم يتمالك نفسه وسقط أرضا، ليحاول جاهدا طرق باب الحمام لإيقاظ أصدقائه، ليستجيب له المدعو يوسف، 20 سنة، الذي شعر بنفس أعراض الدوار وصعوبة التنفس، لكن الصديق الثالث فيصل دخل في غيبوبة عميقة وآثار الدم في فمه. في ظل هذا المشهد المرعب، خرج الاثنان من جديد طالبين النجدة من الجيران الذين لم يعيرهما أدنى اهتمام، مما جعلهم يستسلمون للأمر الواقع، مع عدم قدرتهم على السير لمسافة أطول. وعلى الساعة الثامنة صباحا، تم إبلاغ مصالح الشرطة التونسية، التي بدورها نقلتهم إلى مستشفى مدينة نابل الذي أكد وفاة فيصل، فيما يصارع كل من الحبيب ومولود الموت داخل مصلحة الاستعجالات، التي تفتقد لأدنى الشروط الصحية. وحسب السيد يوسف، أحد الناجين، فإن ما يدعو للاستغراب هو تجاهل السلطات الأمنية التونسية للحادث ومحاولتها طمس الحقيقة، بتجريد الضحايا الأربعة من هواتفهم النقالة، ما منعهم من الاتصال بذويهم، كما رفضت إدارة المستشفى تقديم ملف طبي لعائلة الضحايا. ولم تتأكد إلى الساعة أسباب الحادث. ففيما ظن الضحايا أنهم تعرضوا لتسمّم غذائي، أكد أطباء المستشفى أن الحادث يعود لاختناق الأربعة بالغاز، وهو الأمر الذي ينفيه الناجي الوحيد من هذه الكارثة بقوله إنه تأكد من خلو الغرفة من أي تسرب للغاز، حيث أكد لنا أنه أعاد تشغيل مسخن الماء على الساعة الرابعة صباحا.