التلفزيون الجزائري لن يفتح حتى وإن دعا رئيس الجمهورية إلى ذلك. التلفزيون أصبح هيئة للدعاية السياسية تابعة للحاكم ولا فائدة من زحزحته من مكانه، لأنه تربى على ممارسات كفيلة بأن تكون، في المستقبل، خطرا على الأمن العام في البلاد، طالما أنه لا يعبّر بتاتا عن انشغالات عامة الناس، بل وأكثر من ذلك فقد أصبح وسيلة استفزازية للمواطن، الذي يعيش يومه في الغبن ومشاكل لا تنتهي، وعندما يأتي المساء يطل عليه مقدم النشرة بشكل استفزازي ليقول إن الأمور عادية جدا وأن المواطن في غاية السعادة والمرح والعيش الكريم، ويستدل على ذلك بعمليات تزويد البيوت بالغاز، حتى إننا أصبحنا في القرن الواحد والعشرين نعتبر تزويد بعض بيوت الجزائريين بالغاز الطبيعي بالإنجاز العظيم، مع أننا بلد بترولي منذ خمسينيات القرن الماضي. ومع هذا يأتي رئيس الجمهورية اليوم ليعلن أنه دعا التلفزيون والإذاعة إلى فتح قنواتهما أمام الأحزاب والمنظمات، ولا ندري ماذا ستفعل الأحزاب والمنظمات بالتلفزيون الجزائري في ظل وجود فضائيات مثل الجزيرة التي أصبحت، بحكم انتشارها، البعبع الذي يخيف الحكام العرب من المحيط إلى الخليج. وحتى إن افترضنا أن اليتيمة ستحاول الانفتاح تلبية لدعوة الرئيس، فهل يمكنها أن تلعب الدور المنوط بها بمهنية واستقلالية مثلها مثل باقي تلفزيونات العالم المتقدم. هل تستطيع مثلا أن تقول بأن الرئيس أخطأ عندما يخطئ؟ وهل تستطيع أن تفتح نشرات أخبارها على مواضيع تهم المواطن وتتخلى عن التبجّح في عرض رسالة للرئيس يهنئ فيها رئيس دولة إحدى الجزر التي لا نعرف حتى موقعها في العالم؟ وبالمقابل تتغاضى عن احتجاجات مواطنين في ولاية ما أنهكتهم الظروف المعيشية المزرية. وهل يمكن لليتيمة في هذه الأيام أن تفتح نقاشا أو أن تنجز حصة ولتكن ''في دائرة الضوء'' لتخصص لما جرى في تونس وما يجري في مصر؟ وهل يمكن أن تخبرنا اليوم بأن بن علي سقط في تونس وأن ما يحدث في مصر هو ثورة، الهدف منها إسقاط الرئيس مبارك، لأنه إلى غاية اليوم لم تقل نشرات أخبار اليتيمة إن بن علي جرفته سيول المتظاهرين، وإلى اليوم لم يذكر اسم مبارك على انه هو المستهدف مما يجري في ميدان التحرير. لا إن اليتيمة لا تستطيع أن تفعل هذا، ولذلك لابد أن يفتح المجال السمعي البصري للمهنيين الحقيقيين، ووضع التلفزيون الجزائري في المتحف، حتى يكون شاهدا على فترة من أتعس فترات الإعلام الوطني في تاريخ الجزائر. [email protected]