لم يعد الطفل الجزائري مجرد مصدر للحصول على المال، أو لإشباع نزوة عابرة، بل أصبح أيضا يحترف مختلف أشكال الجريمة، بعد أن لفظته الأسرة أو المدرسة إلى الشارع، حيث تكشف مصالح الدرك الوطني في آخر إحصاء لها عن أرقام مخيفة، لأسباب يقول المختصون إن مسؤوليتها تتقاسمها الأسرة، والمجتمع. تدق مختلف الهيئات ناقوس الخطر حيال الأرقام التي تكشف عنها الجهات الأمنية، والمتعلقة بارتفاع جنوح الأحداث والانحراف وسط القصر، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد ضحايا الجرائم الممارسة في حق هذه الفئة من المجتمع أيضا، خاصة في قضايا الاختطاف وانتهاك العرض. وفي هذا الإطار، كشف تقرير أنجزته خلية حماية الأحداث التابعة للقيادة العامة للدرك الوطني، أن الأطفال يحترفون بشكل كبير جرائم السرقة، حيث تم توقيف 634 قاصر من بين 2707 تورطوا في مختلف الجرائم السنة الماضية. كما أن الطفل أصبح عنيفا، إذا علمنا بأن القضايا التي تأتي في المرتبة الثانية تتعلق بجرائم الضرب والجرح العمدي ب468 موقوف. ويسعى القصر، حسبما توصل إليه التقرير، الى إثبات شخصيتهم عن طريق ممارسة العنف بمختلف أشكاله، وذلك بنسبة 42 بالمائة. كما أن جرائم السرقة والضرب والجرح العمدي لم تعد وحدها تستهوي الأطفال، بل تورطوا أيضا في جرائم أخرى أكثر خطورة بالنظر لبنيتهم الجسدية الضعيفة، على غرار تعاطي المخدرات، بتوقيف 98 قاصرا، وممارسة الفعل المخل بالحياء، بتوقيف 224 قاصر. وتحقيق حلم بلوغ الضفة الأخرى أصبح لا يقتصر فقط على الكبار، بل يراود القصر أيضا، بدليل أن الأرقام تشير الى 243 قضية تتعلق بالهجرة غير الشرعية. من جانب آخر، أصبح الطفل الجزائري يسيل لعاب شبكات تنشط في مجال الجريمة المنظمة، سواء بهدف الحصول على المال من جماعات تضغط على عائلته الغنية، أو لإشباع نزوة حيوانية عابرة، بدليل أن مصالح الدرك سجلت في نفس الفترة176 طفل راح ضحية جرائم الاختطاف، و107 ضحية الاغتصاب من مجموع 2086 قاصر كانوا ضحايا أيضا لجرائم القتل، والضرب والجرح العمدي، والسرقة. بالمقابل، توصل التقرير ذاته إلى أن القصر أصبحوا مستغلين من طرف شبكات إجرامية تسعى لتجنيدهم للإفلات من الرقابة والملاحقة الأمنية، وهو ما يفسر توقيف 44 طفلا تورطوا في قضايا التهريب وحيازة الأسلحة. أما عن أهم الولايات التي تتصدر قائمة جنوح الأحداث، فتأتي في مقدمتها ولاية سطيف، ثم وهران في المرتية الثانية، فالعاصمة وميلة واليزي وباتنة وتيارت وتمنراست وسيدي بلعباس ومستغانم وورفلة وسكيكدة وعنابة.