تترقب الجزائر دورا جوهريا ينتظر أن تؤديه قبائل تارفية وعربية منتشرة في شمال مالي بالأساس، على خلفية التوترات القائمة في ليبيا. وتسجل تقارير استخباراتية نمو نفوذ إرهابيي ''القاعدة'' داخل بعض القبائل: ''ليس بفعل الترهيب، ولكن بفعل مصلحة مشتركة مع بعض القبليين تنامت مع مرور السنين''. ذكرت مصادر على صلة بجهود مكافحة الإرهاب في الساحل، عن عمل أجهزة الأمن في الساحل أن: ''محاولات تتم لقطع هذه الصلات للتفرد بعناصر القاعدة''. وتعرف أجهزة الأمن المتابعة لنشاط إمارة الصحراء في تنظيم ''القاعدة'' أن التهريب هو شريان حياة الإرهابيين في الصحراء الكبرى، وأبسط دليل على عمق العلاقة بين عصابات التهريب وإمارة الصحراء، عدم فعالية كثير من إجراءات حصار الجماعات الإرهابية في الصحراء على شلّ نشاطها، بالرغم من أن السلطات الجزائرية تفرض منذ صيف 2006 إجراءات مشدّدة على المعابر الصحراوية. وتشير المصادر ذاتها إلى ''تحسن التعاون مع دول الجوار، في إطار القيادة العسكرية في تمنراست ضمن تنسيق دول الساحل العسكري''، وسجلت نشاطا ''ملفتا لبعض قوى الأمن المالية قرب الحدود الجزائرية''، فيما يشتغل مختصون أمنيون على تجسيد ما اتفق عليه من قبل مخابرات دول الساحل، بتجنيد مهرّبين يشاع أن علاقاتهم باتت واسعة مع عناصر التنظيم في الساحل الإفريقي لاسيما مع ''مختار بلمختار المكنى بلعور'' الذي تسجل تقارير أمنية عنه: ''تعامله مع شبكات التهريب منذ قرابة 12 عاما كاملة، ما يجعله الرجل الأول في التنظيم على امتداد الساحل المفتوح بين موريتانيا وحتى الصومال''. وتشير إلى أن عمليات التهريب التي تحظى بحماية ''القاعدة'' وفق معادلة ''المصلحة المتبادلة''، وهي العمليات التي يرجى اختراقها، تسجل عبر ثلاثة محاور: ''أسمقا في النيجر، وكيدال في مالي، وإنخليل عند نقطة التقاء حدود موريتانيا ومالي''. وتعتقد الجزائر أن عصابات (مافيا) جديدة تشكلت حول ''القاعدة'' تشتغل على ملف الرهائن الغربيين، وعناصرها تنشط بشكل أكبر في مساحات ''تمسنة'' في مربع التقاء حدود الجزائر ومالي والنيجر. وتصف المصادر ذاتها أن تنظيم ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' يحتمي أكثر عناصره في العادة بجبال ''تيغرغارا'' التي ''ورثها'' التنظيم عن حركات التمرد التارفية سابقا. وتتميز المنطقة الجبلية بعلو شاهق ''يساعد على الاستطلاع''، كما يحتوي على ''منابع مائية عديدة''. وتشير معطيات عسكرية إلى ''صعوبة بالغة'' في اختراق المنطقة بواسطة قوات برية، فيما يعتبر الحل الجوي الأنجح في أي محاولة عسكرية، ولعل عدم توفر مالي على طائرات حربية إلا بعدد محدود جدا: ''أخر إطلاق أي محاولة لتدمير مخابئ تيغرغارا''، وقالت المصادر: ''تلك المنطقة لم يسبق للسلطات المالية أن دخلتها سوى في أوقات السلم أو الهدنة مع المتمردين التوارف سابقا''. وكشفت المصادر أن قوى الأمن في الساحل تبحث تعاون متمردين توارف سابقين، في وقت انسحب فيه إبراهيم أغ باهنغا، قائد التمرد السابق، نحو منطقة ''تينسكو'' التابعة لإقليم ''بايبرا'' في كيدال، حسب المصادر نفسها. وسجلت أجهزة الأمن تنويع التنظيم لأساليب انتشار عناصره في الساحل الصحراوي، وتحدّد ''مربعا مفتوحا'' تنشط العناصر فوقه، جنوبا نحو موريتانيا قرب برج باجي مختار وتيمياوين في الغرب، وجنوبا نحو مالي والنيجر قرب عين فزام في الشرق، وأيضا جنوبا نحو مالي قرب تينزاواتين. وتلاحظ أجهزة الأمن المتابعة لنشاط التنظيم في الساحل الصحراوي محاولة توسعه إلى ''العنصر الأجنبي'' لإعطاء صورة مصغرة ''للقاعدة التي يتزعمها بن لادن''، وهو أمر تحذر منه الجزائر بالخصوص ''خشية إعطاء طابع جهادي للتنظيم، قد تزيد من قوته محاولات غربية للتواجد هناك بغرض المواجهة العسكرية''. وذكرت المصادر أن ''مختار بلمختار'' المكنى ''بلعور''، بعد عودته إلى النشاط الإرهابي، يتجه نحو مسك الزعامة بين يديه، وتتوقع المصادر أن ينأى ''بلمختار'' بالقيادة الصحراوية. وتنقل روايات جمعها أمنيون عنه: ''بلمختار صاحب كاريزما زعامة يخشاها أبو زيد''، ويرصد عنه: ''قدرته على كسب ود قبليين بسبب إغداق المال عليهم''. لذلك، كانت الجزائر تطرح أمام القوى الغربية قبل الحرب على ليبيا: ''ضرورة بعث تنمية حقيقية في شمال مالي، تحل معها جميع المشكلات الأمنية''، وذلك لقطع الطريق أمام احتمالات تجنيد شباب المنطقة العاطل عن العمل من طرف الإرهابيين وعصابات التهريب في صفوفهم.