الوزارة تنبّه أنها تراقب كل ما يكتب في صفحتهم نشرات أخبار بالعربية، الفرنسية والإنجليزية، مقاطع فيديو وصور تنقل بتصوير احترافي قمع اعتصاماتهم، عيون ترصد خطوات وزير الصحة، جمال ولد عباس، وتركز ''الزوم'' على ''خرجاته'' وكذا على كل ما يكتب عنهم، قصائد شعر، أغان وشعارات حماسية.. هي ليست قناة إخبارية، بل لمحة فقط عن صفحتي الأطباء المقيمين المضربين منذ ثلاثة أشهر على ''الفايسبوك''. نجح الأطباء المقيمون في تعبئة نحو 8000 طبيب في طور التخصص، للدخول في أول وأطول إضراب لهذه الفئة منذ الاستقلال. ويعترف الناطقون باسم التكتل المستقل للأطباء المقيمين الجزائريين أن تعبئة زملائهم في كافة ربوع الوطن وتوحد صوتهم حول كلمة واحدة للاستمرار في الإضراب إلى غاية تحقيق مطالبهم، رغم خصم الأجور والتهديد بالفصل، ما كانت لتتحقق لولا الفضاء الافتراضي وشبكة التواصل الاجتماعي''الفايسبوك''، آخر صيحة للاحتجاج في عصر المعلوماتية. صفحة ''الكامرا'' أكثر من 7200 مشترك ومليون زيارة في الأسبوع تكفي إطلالة فقط على صفحتي الأطباء المقيمين على الفايسبوك ''الكامرا'' و''مجموعة الأطباء الجزائريين المقيمين.. متحدون من أجل حقوقنا''، للإلمام بكل مستجدات الإضراب، بفضل فريق من زملائهم تجنّد لنقل معاناة أصحاب المئزر الأبيض، وتعبئة الرأي العام للالتفاف حول مطالبهم. ويعتمد المقيمون في صفحتهم بالدرجة الأولى على الصور الحية ومقاطع الفيديو، خاصة تلك التي تنقل قمع مصالح الأمن للأطباء المضربين في الوقفات الاحتجاجية والمسيرات، حيث سالت دماء الكثير منهم فعادوا إلى مستشفياتهم جرحى، لينطبق عليهم بحق المثل القائل ''طبيب يداوي الناس وهو عليل''. وفي السياق، يؤكد الدكتور ''ن.ر''، المشرف على الصفحة الرسمية للتكتل المستقل للأطباء المقيمين الجزائريين، الذي لم تفارق الكاميرا يديه ونحن نتحدث إليه، أن مقطع الفيديو الذي يظهر تعرّض الأطباء المقيمين للقمع في مسيرة 1 جوان، من مستشفى مصطفى باشا إلى المجلس الشعبي الوطني، احتل المرتبة 21 على المستوى العالمي من حيث عدد المشاهدة على موقع ''اليوتوب ل48 ساعة، فيما احتل المرتبة الأولى في الجزائر لأربعة أيام كاملة. ويضيف المختص في إعادة التأهيل الحركي بمستشفى بن عكنون، الذي اتخذ لنفسه مهنة ''كاميرامان'' بين مناوبة وأخرى، أن صور ''القمع'' من مكان الحدث نقلت بصدق مشاهد التعنيف التي تعرّض لها الأطباء، وكان لها بالغ التأثير على الجميع من خلال التعاليق التي تجاوزت المئات، والأهم زادت من عزمهم على الاستمرار في الإضراب إلى غاية تحقيق مطالبهم ''مادامت اليتيمة قد تبنّت لغة التعتيم''، يضيف المتحدث. جرّاح قلب ينافس المصورين المحترفين تعوّد الصحفيون في تغطياتهم لاعتصامات الأطباء المقيمين على مصور أصبح وجهها مألوفا، فهو لم يفوّت أي اعتصام منذ بداية الإضراب قبل ثلاثة أشهر. تجده دائما في الصفوف الأولى قبل الجميع، يبحث عن اللقطات النادرة، ولا يتجنّب ''هراوات'' الشرطة كغيره من المصورين، لكن ما يميزه عنهم مئزره الأبيض واختصاصه في جراحة القلب المفتوح. يقول الدكتور ''أ.ب'' مبتسما وأنا أسأله أين ترك مشرط الجرّاح ليمسك الكاميرا: ''لم أتركه، لكن لا أنكر أنني لطالما أحببت التصوير الفوتوغرافي ومارسته دائما كهواية، لكني اليوم أمارسه كدعم لزملائي، وليس منافسة للمصورين المحترفين، وحتى أنقل لزملائي ولكل الجزائريين ما يتعرّض له الطبيب المقيم الجزائري، فقط لأنه يبحث عن حقه الشرعي''. وعن صفحته التي لها شعبية عند الأطباء المقيمين، والتي أنشأها منذ إقرار وزارة التعليم العالي في ديسمبر الماضي جعل الامتحانات البينية ''إقصائية''، حتى وإن كان الطبيب في آخر سنة من التخصص، تتهاطل التعاليق المساندة على الصور التي ينشرها ليزيد من حماس رفاقه، وأين تجد أيضا ألبوم صور من بداية الإضراب إلى اليوم. ويضيف زميله الدكتور ''ن.ر''، المشرف على صفحة ''الكامرا'': ''صدقيني نحن المشرفون على صفحتي الأطباء المقيمين على الفايسبوك لم نعد نجد الوقت حتى للنوم، نحن ملتزمون مع زملائنا، وعلينا أن نضعهم دائما في الصورة، خاصة على صفحة ''الكامرا''، وهي الصفحة الرسمية للتكتل المستقل للأطباء المقيمين الجزائريين، والتي تأخذ طابعا رسميا ينشر فيها كل ما يخص لقاءات ممثلي التكتل مع الوزارة، والقرارات الصادرة عنها، بخلاف الصفحة الثانية''. ولا تنقل صفحتي الأطباء المقيمين الأخبار والصور وتغطيات وسائل الإعلام لإضرابهم فقط، بل أصبحت أيضا متنفسا للأطباء المهدّدين بالفصل بعد أكثر من 12 من الدراسة، في حال عدم تراجعهم عن الإضراب. إذ يتنافس المشتركون في الصفة لنشر شعارات نُظمت كلماتها بريشة أطباء شعراء باللغات الثلاث: العربية، الفرنسية والإنجليزية، وكذا أغان ساخرة ترفع من معنوياتهم، المتغير الثابت فيها وزير الصحة جمال ولد عباس. استوقفتنا إحداها على صفحة مجموعة الأطباء الجزائريين المقيمين ''متحدون من أجل حقوقنا''، أنشدها المقيمون في طريقهم إلى ولاية وهران لتنظيم مسيرة، وشدّنا إليها لحنها الحماسي، حيث تقول كلمات الأغنية: ''الطبيب المقيم دائما عايش في جحيم.. 12 عام في محنة زيدلها السيرفيس سيفيل.. يا نمار ساسوفي حبينا لا دينيتي.. راهي لاغراف إليميتي.. مقطع مكرر ''فايسبوك ''المقيمين يقض مضجع الوزارة يؤكد المشرف على صفحة ''الكامرا'' أنه تتم مراقبة كل ما ينشر على الصفحتين، حيث يتم تنبيه كل من يتجاوز حدود الأخلاق إلى التجريح، مواصلا: ''نحن لا نقصي أحدا، لكن نبقى أطباء وطبقة مثقفة، وللمزاح حدود. لذا، ننبه من يتجاوز الحدود والنقد البنّاء، ونحاول دائما البقاء متيقظين لأي تجاوزات''. لكن، إن ''أغفل'' المقيمون بعضا منها، فعيون الوزارة لا يمكن أن تفوّتها، وهو ما أكده الأمين العام لوزارة الصحة، الذي نبّه إلى أن الوزارة تراقب كل ما يدوّنونه على الفايسبوك، وبأن تعليمات أُعطيت لخلية الإعلام بوزارة الصحة لمراقبة كل ما يُكتب عن الوزير ولد عباس وقطاع الصحة في صفحات الأطباء المقيمين ب''فايسبوك''، مادامت الصفحتان تفوقتا على نشرة الثامنة ل''اليتيمة'' بأخبار يبثها مقيمو وهران باللغات الثلاث: العربية، الفرنسية والإنجليزية. ويعترف الأطباء المقيمون أن الفايسبوك أداة فعالة، لولاها ما نجح الإضراب، حيث ساعد في توحيدهم وقرّب أصحاب المئزر الأبيض في 48 ولاية ''لولاه، ما كنا تعرّفنا على آلاف الأطباء، لنتبادل الأفكار ونوطّد العلاقات بيننا ونكسب صداقات جديدة، لهدف واحد هو خدمة صحة الجزائري''.