يبقى ''الكلاسيكو'' الإسباني بين ''البلوغرانا'' و''المرينغي'' الأشهر عالميا، وبات عشاق الساحرة المستديرة يرغبون بمشاهدة ''حربا أوروبية'' وبنكهة مميّزة تجمع البارصا بالريال. أطلقت على هذه المباراة العديد من المسمّيات، منها.. ''المعركة''، ''الثورة''، ''ليلة الحسم''، غير أن سكان إقليم كتالونيا يعشقون تسميتها بكلاسيكو ''الدم والحرية ''. الاهتمام بهذه المواجهة ليس فقط لوجود أفضل نجوم العالم في الفريقين، على غرار الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، ولكن لأن الكلاسيكو يحمل في طيّاته تاريخا لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام، تاريخ من الظلم والاستبداد، تاريخ من الكراهية والعداء. كاتالونيا تحت التعذيب ومدريد ينال لقب الملك في برشلونة يفرح الأنصار أكثر لخسارة ريال مدريد من رؤية فريقهم يتألق لأنهم يعتبرون الفوز بمثابة الانتقام والثأر وردّ الاعتبار للمرينغي الملكي والسبب في ذلك يرجع لزمن ليس بالقريب. ففي منتصف الثلاثينيات عندما تولى حكم اسبانيا الديكتاتور فرانكو، أذاق أهالي كتالونيا شتى أنواع العذاب والآلام، وأعلن الحرب على هذا الإقليم وأيضا على عاصمة كتالونيا برشلونة، وكان السبب في ذلك قوله بأن كتالونيا كانت مستوطنة للمجرمين والأشرار وقال ذلك لأن معظم معارضي حكمه كانوا من كتالونيا. وتحوّلت مدينة برشلونة والإقليم بأكمله إلى مجرمين بنظر هذا النظام الدموي، وحاول فرانكو أن يسرق الهوية الكتالونية من الكتالونيين، بمنع اللّغة الكتالونية ومنع العلم الكتالوني الذي نراه الآن كشارة لكابتن فريق برشلونة كارلوس بويول، كما منع الأنشودة الوطنية لكتالونيا ليحاول أن يقضي على الهوية الكتالونية، ولكنّه أخطأ بهذه الأوامر، حيث زادت مشاعر الكراهية من سكان كتالونيا إزاء هذا الحاكم الظالم، ولا يزال أبناء كتالونيا يتذكرون أيام الظلم والقهر الذي فرضه عليهم الحاكم فرانكو. وبينما كان أبناء كتالونيا وناديهم يعيشون عذابا كبيرا ويشعرون بآلام إزاء محاولة خطف هويتهم الكتالونية، كان نادي ريال مدريد يعيش بأجواء لا مثيل لها، حيث قام الملك ألفونسو الثالث عشر بمنحهم شعار الملكية عام 1929 ، وعندما تولى فرانكو الحكم قام بمعاملة هذا النادي بأرقى الأساليب وأعطى مسؤوليه كل ما يرغبون بصفتهم النادي الملكي. فرانكو .. ومباراة العار وفي مباراة 13 جوان 1943 عندما كان فريق برشلونة يتقدم بهدف وحيد على ريال مدريد، اقتحمت الشرطة الاسبانية أو ''جيش فرانكو'' غرفة تبديل الملابس بين الشوطين وهدّدت لاعبي البارصا بقتل وسجن أسرهم إذا لم يتركوا ريال مدريد يفوز بالمباراة. وانتهت المباراة بنتيجة111 لصالح ريال مدريد. وهذا الأمر تناقلته المصادر الموثوقة، كما نشر في موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا'' أكثر من مرّة، وبعدها قام الاتحاد الاسباني بشطب النتيجة من سجلاته كونها وصمة عار الأجدر بها أن تمحى. وتواصل قهر الديكتاتور فرانكو بعد ذلك، حيث أقدم على قتل رئيس نادي برشلونة جوسيب سونيول، ليسطّر بذلك فصلاً من فصول ظلم فرانكو للنادي الكتالوني. وبعد قتل الرئيس سونيول، كان هناك شخص يدعى ''انريكي بينيرو'' معاون لفرانكو عُين رئيساً لبرشلونة عام 1940 حتى عام ,1942 فمنع النشيد الكتالوني، وأزال اللونين الأحمر والأصفر من الشعار، ليقدّم استقالته بعد ذلك، فقبل الاتحاد الاسباني قراره ولكن الحكومة رفضت ذلك، فعاد إلى الرئاسة عام 1942 وحتى عام 1943 وقدم استقالته بعد مباراة العار11/.1 ورغم كل الصعوبات التي واجهت أبناء كتالونيا، إلا أنّهم شيّدوا أشهر معالم كتالونيا ملعب ''كامب نو'' فخر كتالونيا، فقد بنوه في فترة حكم فرانكو نفسه. ورغم مرور السنين إلاّ أن النادي الكتالوني لم ينس ما حدث، وأصبح فريق فرانكو العدوّ اللدود دائما وأبدا، والجروح التي سبّبها نظام الديكتاتور فرانكو لم تلتئم بعد، وهذا هو سبب الصراع الكتالوني المدريدي الذي يستمر إلى يومنا هذا والمواجهة بين الفريقين تستقطب كل عشاق الكرة المستديرة في العالم. فيغو زاد من حدّة العداوة يتذكر الجميع النجم البرتغالي السابق لويس فيغو، الذي أشعل نار الفتنة بين جماهير الناديين في العصر الحديث وزاد من حدّة العداوة بينهما. ففي صيف عام ,2000 صدم الفتى المدلل للجمهور الكتالوني الكل بمن فيهم جماهير ريال مدريد، عندما انتقل إلى النادي الملكي مستغلا الشرط الجزائي الموجود في عقده مقابل 56 مليون دولار، ليتحوّل من معشوق الجماهير الحمراء والزرقاء إلى عدو كتالونيا الأول بين ليلة وضحاها. وبعد أن غاب فيغو عن الكلاسيكو لعامين متتاليين، احتشدت جماهير برشلونة بملعب ''كامب نو'' في شهر أكتوبر 2003 لكي تعبّر عن غضبها اتجاه ''حبيبها الخائن''، الذي انهالت عليه المقذوفات طوال المباراة، حتى وصل الأمر إلى إلقاء رأس خنزير ميّت على اللاّعب، إضافة إلى حرق صوره في المدرجات.