نددت عدة جمعيات فرنسية بما وصفته ''المطاردة'' التي يتعرض لها المتقاعدون من المهاجرين بفرنسا من طرف أجهزة وصناديق الحماية الاجتماعية، التي لا يتردد موظفوها، كما أشارت، ''في اللجوء إلى مطاردات بدون شفقة'' في حق المهاجرين من كبار السن، لدفعهم إلى الرحيل من فرنسا من خلال ''قطع منحهم أو التلاعب بها''، عن طريق مراقبة تمييزية تجاههم. قال منصف لعبيدي، مؤسس المقهى الاجتماعي، في تصريحات جمعها موقع ''ميديا بارت''، إن الصندوق الوطني للتأمين عن الشيخوخة وصندوق المنح العائلية والصندوق الابتدائي للتأمين عن المرض والتعاضدية الفلاحية الاجتماعية، بالإضافة إلى موظفي الضرائب، يمارسون ''مطاردة دون أي رحمة'' في حق هذه الفئة من المهاجرين من خلال ''إخضاعهم إلى مراقبة تمييزية ومعاملة وحشية''، مشيرا إلى أنهم ''يستهدفون على وجه الخصوص المهاجرين كبار السن من الحاصلين على منحة التضامن للمسنين''. وقال المتحدث إن موظفي صناديق الحماية الاجتماعية يعبثون بهؤلاء المهاجرين من كبار السن لكونهم ''لا يعرفون حقوقهم وتجدهم يتنقلون من جهة لأخرى دون أن يعرفوا كيفية الدفاع عنها ضد الأجهزة الإدارية، ما يعرضهم دوما إلى سوء المعاملة''. وهو ما سبق أن نددت به الهيئة العليا لمكافحة التمييز والمساواة ''لاهالد'' في قرار صادر في مارس .2010 واستنادا إلى الشهادات التي جمعتها الجريدة الإلكترونية ''ميديا بارت''، فإن ''مطاردة المهاجرين من كبار السن ممنهجة ومركزة على هذه الفئة والإهانة بلغت ذروتها''. وضمن هذا السياق، طالبت التعاونيات والجمعيات ونشطاء حقوق الإنسان، في كل مكان تقريبا بفرنسا، باتخاذ الإجراءات اللازمة لإدانة ما وصفوه ب''الصيد العشوائي'' في حق المهاجرين، وشددوا على ضرورة ''احترام كرامة العمال المهاجرين الذين يراد استعمالهم كبش فداء''، بعدما ساعد هذا الجيل من المهاجرين على ''إعادة بناء فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، في ظل ظروف عمل صعبة وأخطار محدقة مقابل أجور زهيدة''. هذه الشريحة من المهاجرين من كبار السن تعيش في عزلة ودون أدنى عناية، ومن بينهم، مثلما جاء في الشهادات، وضعية الجزائري ''مولود. ب'' البالغ من العمر 79 عاما والذي يعيش وحيدا في دار للمسنين، وليس له روابط عائلية في الجزائر، باستثناء شقيقته التي يرسل لها من وقت لآخر بعض المال. مولود الذي وصل إلى فرنسا في فترة الستينات، اشتغل بها إلى غاية التقاعد، لخص وضعيته بالقول ''إن فرنسا لم تعد كما كانت من قبل''. وسجل موقع الجريدة الإلكترونية ''ميديا بارت'' أن الكثير من أمثال مولود من الجزائريين وغيرهم، يعيشون حالة الفقراء على معاشات زهيدة لا تزيد عن 700 أورو شهريا. وأشار الموقع إلى أن الكثير من المستفيدين من منحة التضامن للمسنين قطعت عنهم هذه المساعدة جراء المراقبة على الإقامة (اشتراط الإقامة 6 أشهر زائد يوما فوق التراب الفرنسي)، وفرض عليهم تعويض الأموال المحصل عليها سابقا والتي تصل إلى 23 ألف أورو بالنسبة للبعض، وهو ما يعني ترحيلهم القسري إلى بلدهم وموتهم الحتمي. وحسب الشهادات، فإنه في غياب هذه المساعدات، فإن المهاجرين من كبار السن ''ليس أمامهم أي خيار سوى العودة إلى بلدهم، بعدما أفنوا زهرة شبابهم في تعبيد طرق فرنسا وبناء عماراتها وجمع قمامتها''. وذكر نفس المصدر: قد يكون هؤلاء المهاجرون ''غشاشين''، لكن الذي مارس الغش في المقام الأول هي المؤسسات الفرنسية التي لم تدفع اشتراكاتهم للضمان الاجتماعي لعدة سنوات، أو تلك التي عرضت صحتهم للخطر بسبب تشغيلهم في الأميونت أو في استنشاق مواد كيماوية مضرة''. وخلصت الجريدة إلى القول إن الشباب من أبناء المهاجرين الذين هم مواطنون فرنسيون، لن يتأخروا ذات يوم في المطالبة بحقوق آبائهم وأجدادهم، ويستنكروا كل الذي جرى لهم من سوء المعاملة.