يعيش متقاعدو المهجر منذ عام 2006 مأساة حقيقية، لم يتمكنوا من الحصول على مستحقاتهم المالية التى تدفع لهم بالأورو، يتولى توصيلها إليهم الصندوق الوطني للمعاشات. بعض الضحايا اتهموا بشكل مباشر الصندوق و"بنك بدر" بالاحتيال عليهم والإستيلاء على أموالهم. فحسب الوثائق التي بحوزة "الأمة العربية"، فإن فرع الصندوق بالمسيلة قد امتنع عن منح مبالغ مالية لأكثر من 52 شهرا تخص فقط 6 متقاعدين، في الوقت الذي تشير مصادرنا إلى أن هذا الرقم مرشح للارتفاع بعشرات المرات. في رسالتين وجهتا إلى كل من وزير العمل والضمان الاجتماعي ووزير المالية بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف الأستاذ فيلالي غويني نائب بالبرلمان بأن المعاشات القادمة من الخارج وبالتحديد فرنسا لأصحابها أو أراملهم، لم تصل لمدة تراوحت بين أربعة إلى 9 أشهر، مؤكدا بأن "بنك بدر" الذي يقع على عاتقه صرف المنح، حرم هؤلاء من حقهم رغم وضوح القوانيين. فحسبه، أن البنك قام بصرف أجرة شهر واحد كل ثلاثة أو أربعة أشهر، منحها لأرامل المتقاعدين. وقدرت مصادر مطلعة على الملف، حجم المبالغ التي لازال مصيرها غامضا حتى الآن، بالضّخم، ويمكن أن تقدر بالملايير، لإنصافهم، وقد دق الضحايا كل الأبواب للحصول على تفسيرات مقنعة، لكنهم صدموا رغم توفرهم على أدلة تإكد تعرضهم للاحتيال والنصب، وقد وصل الأمر حسب الضحايا إلى رفض مسؤولي صندوق المتقاعدين الرد على تساؤلاتهم، رافضين حتى التصديق على إشعار المراسلات المرسلة إليهم. حسب ملف "شتيوي حدة" أرملة "عمار شتيوي"، فإن منحة شهر ديسمبر لعام 2006 و6 أشهر لعام 2007 وجانفي وفيفري للعام الحالي، لم تكن من نصيبها لحد الساعة، رغم تأكيدات الصندوق الفرنسي للمعاشات "الكرام" الذي أكد في مراسلة رسمية موجهة للمعنية بتاريخ 10 ديسمبر 2007، أنه قام بتحويل مبالغ المنحة بانتظام بمعدل 231.94 أورو شهريا، بما يعني أن مبلع 9 أشهر البالغ مقداره 2088 أورو قد دخل حسابات الصندوق الجزائري، إلا أن الضحية مازالت في انتظار التخليص. أرملة "رويبح العمري"، هي الأخرى لم تتلق منحة 7 أشهر لعام 2007، نفس الشيء حدث مع أرملة "عبد الحميد رابح" التي هي الأخرى حرمت من منحة 6 أشهر لعام 2007، وشهرين للعام الحالي. تواصلت مآسي أرامل متقاعدي الغربة، بحرمانهم من حقوق أزواجهم. في هذا السياق، أقصيت "صديقي العالية" من الحصول على منح 7 أشهر لعام 2007، تليها أرملة "عمارة راشدي"، اعتلت رأس قائمة المحرومين ب 10 أشهر في عام 2007 والشهرين الأولين لعام 2008. هؤلاء، ما هم إلا عينة فقط على قائمة تضم حسب مصادرنا الآلاف من الضحايا على مستوى المسيلة لوحدها، وعشرات الآلاف من الضحايا على المستوى الوطني. فأكثر من 20 ألف أورو المتعلقة ب 52 شهرا، لم تصل إلى أصحابها ولم يعرف مصيرها ولا كيف اختفت، رغم وصولها إلى حسابات الصندوق الذي يتكفل "بنك بدر" بالمسيلة بمنحها لمستحقيها. أمر دفع البعض إلى فتح حسابات بفرنسا لتفادي الوقوع في شراك النصب والاحتيال، أما الذين فتحوا حسابات بالعملة الصعبة بذات البنك، فأصبحوا يشبهون المتسولين يصطفون في طوابير إلى غاية نهاية اليوم، من إجل الحصول على منحة يتلقاها أمثالهم في بلدان أخرى في رمشة عين. وبشأن ما يحدث، كشفت مصادر ذات صلة بهذا الملف، أن عدد المحرومين من منحة الهجرة على المستوى الوطني، يتراوح بين 8 إلى 10 آلاف شخص مازالوا ينتظرون من السلطات الوصية إيجاد حال لمعضلتهم التي طالت ولم يعرف لها مخرجا لحد الساعة. ظاهرة اختفاء منح أرامل متقاعدي المهجر حسب مصادرنا منذ شهر ديسمبر 2006، مازالت متواصلة، رغم وصول الأموال إلى هيئة صندوق المعاشات المركزي بالجزائر. أمام هذه الوضعية وامتناع كل من "بنك بدر" وصندوق المعاشات عن التصديق على وصولات إرسال الشكاوى المرسلة إليهما، وعدم رد الحكومة على انشغالاتهم، راسل المتضررون الصندوق الفرنسي للمعاشات "الكرام "، هذا الأخير أكد في رده على المعنيين أن كل المبالغ الخاصة بمنحهم لعام 2006 وعام 2007 و2008، تم تحويلها إلى حسابات صندوق المعاشات الجزائري تبعا للاتفاقية القائمة بين الجزائروفرنسا. بهذا الخصوص، أرسلت مصلحة الحسابات ل "الكرام" كشفا تفصيليا هو بحوزة "الأمة العربية" يؤكد صرف كل منح الشهور التي بقيت معلقة بصندوق المعاشات الجزائري الذي يضم 3.7 مليون متقاعد، منهم نحو 600 ألف متقاعد من المهجر، استفاد منهم 20 ألف من زياد ة تقدر ب 235 أورو شهريا لصاحب منحة 390 أورو. كما تحصل أصحاب 235 أورو على زيادة سنوية قدرت ب 3000 أورو، وهذا في المنح العائلية التي تدخل في إطار التضامن مع كبار المتقاعدين طبقا للقوانين الفرنسية. وربما هنا يكمن لغز اختفاء منح الأرامل، خصوصا بعد الدخول النهائي لمتقاعدي المهجر البالغ عددهم 23 ألف. وطبقا للاتفاقية التي تربط الجزائربفرنسا المؤرخة في 26 ديسمبر 1964، وأخرى المؤرخة يوم 4 ديسمبر 1985، فإن قانون رقم 64-1330 لعام 1964 وقانون رقم 85 لعام 85، يلزم صناديق التقاعد الفرنسيّة بمساءلة نظيرتها الجزائرية بخصوص المنخرطين من متقاعدي المهجر من أجل إعادة النظر في تأطير أجورهم. في هذا الإطار، جرت يوم 15 و16 مارس 1999 محادثات بين وفد جزائري ضم كلا من مدير الصندوق الوطني للمعاشات الجزائري، ومدير صندوق"سي.ان.ار" بتزي وزو، ووفد عن إدارة التأمين الاجتماعي للعمال الفرنسي، بخصوص عدة نقاط، أهمها الحصول على معلومات تخص المتقاعدين الجزائريين الذين يتلقون منحهم عن طريق الصّندوق الجزائري للتأمينات ووضعيتهم العائلية. طلب كذلك الاطّلاع على القوانين الجزائرية المعمول بها في هدا الشأن، ومعلومات تخص المتقاعدين الجزائريين ما قبل عام 1962، إلا أن بعثة صندوق معاشات الجزائري اعتذرت عن تقديم توضيحات مقدمة حجة اختفاء الأرشيف المتعلق بميادين البناء والبترول والبنوك، فهل ستختفي كذلك أرشيفات منح الأرامل والمتقاعدين، الأمر متروك لأهل الربط والحل. في الجزء الثاني من التحقيق، تكشف "الأمة العربية" عن تورط مسؤولين فرنسيين من صندوق التقاعد الفرنسي مع إطارات جزائرية في صندوق المعاشات، في عمليات كبيرة تخص سرقة أموال متقاعدي المهجر، خاصة الأرامل منهم، وذلك على مستوى صندوق الأبيار والإدارة المركزية، باستعمال التزوير والتدليس.