20 سنة.. هي المدة التي قضاها فوزي موسوني في الميادين الجزائرية، يصول ويجول منذ أن تمت ترقيته لفئة الأكابر مع فريق اتحاد العاصمة. 20 سنة عرف فيها المر أكثر من الحلو، ولم يحقق مشوارا يليق بمهاراته التي لا ينكرها إلا جاحد، لتخلف لدى ابن الأبيار الذي علق قبل عام الحذاء بعد أن تجاوز 37 ربيعا، الكثير من الحسرة على مسيرة لم يكتب لها النجاح تماما كما كان يتمنى، ووضعية اجتماعية بسيطة للغاية، مع الشعور بالظلم من أشخاص ومقرّبين خانوا ثقته وحرموه من تحقيق أحلامه الكثيرة، ومن بين هؤلاء مختلف مدربي المنتخب الوطني الذين تعاقبوا على العارضة الفنية للخضر سنوات التسعينيات، والذين تجاهلوه في وقت كان في أوج عطائه، على غرار رابح ماجر الذي يقول بشأنه: ''تجاهلني لما كنت في أفضل مستواي سنة .1995 في سن 23 كنت مميزا جدا مع الشبيبة، حققت البطولة والكأس الإفريقية، لكنه تجاهلني ولم يوجه لي الدعوة يوما. بعدها بسنوات، جاء وصرح بأنه أخطا بحقي، وأنا لا أريد اعتذاره الآن، لست بحاجة إليه، فات الأوان''. تكوّنت في الاتحاد وبرزت في الشباب وتألقت مع الشبيبة مرّ موسوني عبر مسيرته الطويلة عبر عديد الأندية، والبداية كانت من فريق اتحاد العاصمة الذي انضم إليه بعد أن تفوّق في عملية الانتقاء التي كانت تجرى بصفة دورية في مختلف أندية العاصمة. وهناك، تدرج عبر مختلف فئات الفريق إلى غاية فئة الأكابر: ''رفضوني في فريق الحي الذي أقطن فيه بالأبيار، فجرّبت حظي في اتحاد العاصمة وتم قبولي، وتدرجت عبر مختلف الفئات مع لاعبين موهوبين، مثل رحيم وصالحي إلى غاية فئة الأكابر سنة ,''1989 يقول موسوني الذي بقي موسمين آخرين مع أكابر الاتحاد، قبل أن يلتحق ببلوزداد بعد فشل أبناء سوسطارة في تحقيق الصعود، وبعد أن شب خلاف بينه وبين مدربه درواز. وفي الشباب، عرف انطلاقته الحقيقة، حيث تألق بشكل لافت وقدم مباريات كبيرة أمام مولودية الجزائر، وبالخصوص أمام شبيبة القبائل، التي سارع رئيسها حناشي للتعاقد معه صيف .1993 لتبدأ المسيرة مع القبائل التي حقق معها كل الألقاب، بطولات وكؤوس محلية وكأسين إفريقيتين. إيغيل رمانا بعد دورة الألعاب المتوسطية وبرهنت مع سنجاق كان فوزي موسوني لاعبا دوليا في مختلف فئات المنتخب الوطني. وفي صيف 1993 شارك مع منتخب الآمال رفقة أسماء مثل عجالي، زروقي، بن حملات وآخرين في الألعاب المتوسطية بفرنسا، حيث تألق المنتخب ووصل للمباراة النهائية بعد أن هزم منتخبات عريقة، مثل اليونان وإيطاليا، قبل أن يخسر المباراة النهائية أمام منتخب تركيا تحت قيادة هاكان سوكور. وكان موسوني من أبرز نجوم تلك البطولة، وكان يعوّل على أن يكون ذلك بوّابة للولوج للمنتخب الأول، لكن ذلك لم يتحقق ''مع العودة من تلك البطولة، ضم إيغيل ومهداوي لاعبا أو اثنين ورموا بالبقية. تجاهلوا اللاعبين رغم تميزهم، وكنت من بينهم. الأمر استمر مع ماجر، ثم مع فرقاني، رغم أني كنت، ومن دون فخر، أستحق التواجد مع الخضر، هؤلاء المدربون حرموني من حمل الألوان الوطنية في عزّ تألقي، وكان عليّ انتظار بلوغ سن 28 لما وجه لي سنجاق الدعوة أخيرا، وبرهنت من خلال ما قدمته في كأس إفريقيا 2000 بأني ظلمت كثيرا على يد من ذكرت من المدربين''، يقول موسوني. كيف تريد أن تتأهل لكأس العالم والناس تموت؟ وعلى غرار جلّ أبناء جيله، يؤكد موسوني أن جيل التسعينيات الذي ينتمي إليه لم يكن أقل موهبة عن الذي سبقه، بل كان قادرا على تحقيق الأفضل لو توفرت له نفس الظروف ''جيل التسعينيات لم يتأهل لكأس العالم، وكيف تريده أن يحقق ذلك والموت كان في كل مكان في الجزائر؟ لاعبو ذلك الجيل، وأنا واحد منهم، مثلهم مثل كل الجزائريين عانوا من محنة الإرهاب، كثيرا ما أتساءل: كيف تمكننا من اللعب وسط تلك الظروف الأليمة؟ كان من المفروض أن يوقفوا البطولة وكل النشاطات الرياضية''، يقول محدثنا الذي يشدّد على أنه وزملاءه ومع كل تلك الظروف المعادية، حققوا بعض الإنجازات للكرة الجزائرية ''حققنا كأسا إفريقية مع القبائل، وكل اللاعبين كانوا حاضرين عندما يتعلق الأمر بالألوان الوطنية، في وقت كان اللاعبون المغتربون يتهرّبون ويرفضون، ومنهم من وصل به الأمر لوصفنا بالإرهابيين''، يقول موسوني دون أن يحدّد شخصا بذاته. حتى وإن همش كثيرا في المنتخب، إلا أن موسوني يؤكد دائما على أن الدفاع عن الألوان الوطنية كان ويبقى بالنسبة له أمرا مقدسا، فعل ذلك خلال تجربته القصيرة، وفعل أيضا على مستوى شبيبة القبائل في المنافسات القارية، وهو الآن ليس راض تماما عما يراه في المنتخب، ويصفه بالاستخفاف بالملايين من الجزائريين ''اللاعبون الحاليون للمنتخب يستخفون بالألوان الوطنية، وهو ما تعكسه الهزيمة النكراء في المغرب. التأهل لكأس العالم اتضح بأنه كان أشبه بكذبة كبيرة، فنحن لم نملك يوما فريقا قويا، والوقت كشف كل شيء. لكن الأدهى هو ما يحدث خلف الكواليس في هذا المنتخب''، صرّح لنا موسوني. لو كانت لدي الإمكانات لذهبت لأعيش في جزيرة بمفردي ''القلب معمّر''، هكذا يقول موسوني عندما يتحدث عن كل ما عاناه خلال مسيرته الكروية، التي لا يتردّد في التأكيد على أنه كان سيغير الكثير فيها ''أول شيء هي أن لا أضع الثقة في أي كان، فقد خدعني كثيرون، وبالخصوص رؤساء الأندية الذين وثقت بهم وهضموا بعدها حقوقي. ثاني شيء كنت سأعمل المستحيل لأحترف، فقد جاءتني عروض بالخصوص من سانت إيتيان وحرمت منها من دون وجه حق. وأخيرا، كنت سأسعى لكي ألعب، ولو موسما، في فريق مولودية الجزائر، فهو أمر بقيت أتحسر عليه. لعبت لجلّ الأندية العاصمية: الشباب، الاتحاد، القبة، النصرية والعناصر، بينما المولودية لم تتح لي الفرصة، رغم أني كنت أود فعلا خوض تجربة مع هذا النادي العريق''. في الأخير، سألنا موسوني عما إذا كان يستمتع بتقاعده الآن، فقال: ''الناس تتصور أني ملياردير، لكني لا أملك سوى المنزل الذي اشتريته بفضل الرئيس الراحل للعناصر عطية، وأنتظر رد مديرية الشباب والرياضية لأضمن مصدر دخل قار، في انتظار أن أدخل مجال التدريب مع فريق عين بنيان''. تذمر نجم القبائل السابق تجسده العبارة الأخيرة التي قالها لنا قبل أن يتركنا ''صدقني، لو كنت أجيد مهنة أخرى غير كرة القدم، لما عدت لهذا العالم تماما، ولو كانت أموري المادية بخير، لكنت ذهبت للعيش في جزيرة بعيدة، لأنسى كل الألم الذي سبّبه لي أشخاص لم يتقبلوا يوما صراحتي''، ختم موسوني حديثه معنا.