اختلفت المذاهب فيه، فمالك رحمه الله ذهب إلى أنّه لا يُصام عنه ولا يطعم عنه إلاّ أن يوصي بذلك، وذهب الشافعي رحمه الله إلى أنّ وليّه يطعم عنه ولا يصوم، وذهبت الحنفية إلى أنّ وليّه يصوم عنه فإن لم يستطع انتقل إلى الإطعام. وفرّق قوم بين صوم رمضان والنذر، فرأوا صوم وليّه عنه في النذر دون رمضان. وسبب اختلافهم هذا تعارض القياس مع الآثار، وذلك أنّ الأثر ثبت فيه صوم الولي عن الميّت، فمن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيح أنّه عليه الصّلاة والسّلام قال: ''مَن مات وعليه الصّيام صام عنه وليّه'' متفق عليه، وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه قال: ''جاء رجل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إنّ أمّي ماتت وعليها صوم شهرٍ أفأقضيه عنها؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: ''لو كان على أمّك دَيْنٌ أكُنتَ قاضيه عنها''؟ قال: نعم، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''فدين الله أحقُّ بالقضاء'' أخرجه البخاري ومسلم. وأمّا القياس فالصوم من الأصول التي لا ينوب فيها أحد عن أحد، فكما أنّه لا يصلّي أحد عن أحد، ولا يتوضأ أحد عن أحد، فكذلك لا يصوم أحد عن أحد، فمَن رجَّح القياس قال: لا صيام على الولي، ومَن أخذ بالنص في ذلك قال بإيجاب الصيام عنه. ومنهم مَن خيَّر بين الصّيام والإطعام محاولاً التّوفيق بين الآية وهي: {وعلى الذين يُطيقونه فِدية طعام مسكين} البقرة: 184، والأثر السابق ذكره.