لعلّ الخلاف في البدايات الأولى كفكر، وليس كتنظيم، يعود إلى كون بعض الإسلاميين، خصوصاً ذوي الميولات الجزأرية، لا يرون للأثر الإخواني تأثيرا قويا، مقارنة مع تراث جمعية العلماء المسلمين والتّطور الطبيعي للفكر الإسلامي الحركي في الجزائر -حسب رأي الباحث بومدين بوزيد في كتاب ''الإسلاميون والمسألة السياسية'' الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت- في حين أنّ بعض الكتابات الأخرى كانت تصرّ على مصروية التّأثّر ثمّ التّأثير الوهابي والسّلفي السعودي - الخليجي فيما بعد، والقصد كان آنذاك اعتبار الخطاب الإسلامي السياسي دخيلا على الفضاء الثقافي والسياسي للجزائر. يمكننا القول إنّ الحركة الإسلامية الجزائرية كتنظيم لم تتبلور إلاّ مع ''جمعية القيم'' في 14 فبراير 1963م تحت رئاسة الهاشمي التيجاني وسلطاني وسحنون وحويذق، ولكن كتفكير عرفت تطورات وأشكالا متعدّدة من الفضاءات الّتي أثّرت عليها، فبالإضافة إلى التراث الجهادي من المقاومة الجزائرية للاستعمار في القرن التاسع عشر ميلادي وصولاً إلى ثورة 54 الّتي نادت بالاستقلال، فقد كان الإسلام هو الذخيرة الثقافية والرمزية للمقاومة والثورة، كما أنّ تُراث جمعية العلماء المسلمين الّتي دخلت في معارك على جبهتين: جبهة الدفاع عن الشّخصية الوطنية ''اللغة والإسلام''، وجبهة محاربة ما لحق الإسلام من بِدع وخرافات ضدّ التّصوف الطرقي الّذي كان يراه الفكر الإصلاحي جزءاً من معوّقات الانطلاق نحو التقدّم والنّهضة، هذا عامل أساسي في بلورة الفكر الإسلامي الحركي، على اعتبار، أيضاً، أنّ بعض أعضاء جمعية العلماء المسلمين سيكون لهم الدور الفعّال في التّنظيمات الإسلامية السياسية والمسلّحة في آن واحد لاحقاً.