تحول الطريق البري الصحراوي الرابط بين طرابلس وغدامس إلى طوق نجاة بالنسبة للمئات من المغضوب عليهم ومن الأجانب، الذين اضطروا للفرار بعد سيطرة قوات المجلس الانتقالي على مقاليد الحكم في طرابلس. لم نتذكر من كلمات حوارنا الطويل مع بوحفص، العائد من ليبيا قبل أيام، سوى عبارة ''الحمد لله على نعمة الأمن في الجزائر''. ويتحدث العائدون عن الفوضى والعصابات وقطاع الطرق وحواجز مسلحي المجلس الانتقالي، وحادثة حرق العلم الجزائري في طرابلس. ويواصل أفراد أسر فلسطينية التسول في بعض مدن الجنوب الشرقي من أجل العودة إلى فلسطين وتأمين قوت أبنائهم، بعد أن فروا تاركين وراءهم أموالهم وممتلكاتهم في ليبيا. وشهدت مساجد بالجنوب عدة حالات جمع تبرعات لصالح فلسطينيين فارين، كما حدث في مساجد بغرداية. وقال أحد الفلسطينيين يدعى عبد الستار طارق، وكان يعمل سائقا في بيت ضابط برتبة عميد ومدير عام بوزارة الدفاع الليبية، ''اضطررنا لتغيير الطريق عدة مرات خلال الرحلة بين طرابلس وغدامس، ولم نتمكن من مغادرة ليبيا عبر تونس بسبب الحواجز التي نصبها مسلحون يحملون أعلام المجلس الانتقالي''. وينتشر هؤلاء بكثافة عبر طريق طرابلس يفران نالوت، وهو الطريق الرئيسي المؤدي إلى الحدود الجزائريةوالتونسية، والطريق الثاني بين طرابلس والزاوية. ويقول الهاربون من الحرب في ليبيا: ''قبل الخروج من ليبيا لم تتوفر لنا سوى 3 سيارات حشرنا فيها 19 شخصا من أطفال ونساء ورجال، وتخلينا عن أغلب الأمتعة وحملنا معنا فقط جوازات السفر وبعض الملابس والأمتعة''. وأضاف الفارون: ''اضطررنا لسلوك طريق ثالث عبر غريان وميزده، ومنه إلى غدامس، وبدلا من 620 كلم وهي المسافة بين طرابلس وغدامس، اضطررنا لقطع مسافة 1500 كلم في طريق منعرج فرارا من حواجز قوات المجلس الانتقالي، وكنا أربع أسر اثنتين من فلسطين وثالثة من الجزائر ورابعة من موريتانيا، وقد سمعنا خلال تنقلنا أخبارا يندى لها الجبين حول اعتداءات المسلحين وقطاع الطرق''. ويضيف طارق، وهو أحد الذين غادروا ليبيا: ''يكفي أن تكون أجنبيا في ليبيا هذه الأيام حتى تتحول إلى متهم بالتعاون مع القذافي، كل الأجانب الأفارقة والعرب في ليبيا حاليا غير مرحب بهم باستثناء الخليجيين والأجانب القادمين من أوروبا''. ويتحدث بوحفص كرمي، وهو جزائري عاد إلى الجزائر في ثاني أيام عيد الفطر، عن نهب منظم تقوم به عصابات مسلحة، يدعي أفرادها أنهم من الثوار، ويجردون المسافرين الذين يغادرون طرابلس من الأمتعة والأموال والجواهر، بحجة أنها ملك للشعب الليبي. ويضيف: ''شاهدت بأم عيني حرق العلم الجزائري في طرابلس يوم 25 رمضان، وقد التزمنا البيوت منذ دخول المعارضة إلى العاصمة الليبية، ثم قررنا العودة إلى الجزائر، وقد ساعدنا مواطنون ليبيون في رحلة العودة التي دامت 4 أيام''.