إنّ فضل الأيّام العشر من شهر ذي الحجّة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم الّذي سمّاها بالأيّام المعلومات، لعظيم فضلها وشريف منزلتها. قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ × لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} الحج 27 .28 وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''ما من أيّام العمل الصّالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيّام (يعني أيّام العشر). قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلاّ رجل خرج بنفسه وماله ثمّ لم يرجع من ذلك بشيء'' رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما. ولأيّام العشر الأولى من شهر ذي الحجّة خصائص كثيرة، نذكرُ منها: ؟ أنّ الله سبحانه وتعالى أقْسَم بها في كتابه الكريم، فقال عزّ وجلّ: {وَالْفَجْرِ × وَلَيَالٍ عَشْرٍ} الفجر 1 .2 ولاشك أن قسم الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها. ؟ أنّ الله تعالى سمّاها في كتابه ''الأيّام المعلومات''، وشَرَعَ فيها ذكرهُ على الخصوص، فقال سبحانه: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} الحج .28 وقد جاء في بعض التفاسير أنّ الأيّام المعلومات هي الأيّام العشر الأولى من شهر ذي الحجّة. ؟ أنّ الأعمال الصّالحة في هذه الأيّام أحبّ إلى الله تعالى منها في غيرها. فعن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ما مِن أيّام أعظم عند الله، ولا أحبّ إليه العمل فيهنّ من هذه الأيّام العشر فأكثروا فيهنّ من التّكبير والتّهليل والتّحميد'' رواه أحمد. ؟ أنّ فيها ''يوم التروية''، وهو اليوم الثامن من ذي الحجّة الّذي تبدأ فيه أعمال الحجّ. ؟ أنّ فيها ''يوم عرفة''، وهو يومٌ عظيم يُعدّ من مفاخر الإسلام، وله فضائل عظيمة، لأنّه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها، ويوم العتق من النّار، ويوم المُباهاة. فعَن أمّ المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، قالت: عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ''ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عزّ وجلّ فيه عبداً من النّار، من يوم عرفة، وإنّه ليدنو ثمّ يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟'' رواه مسلم. ؟ أنّ فيها ''ليلة جَمع''، وهي ليلة المُزدلفة الّتي يبيت فيها الحُجّاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة. ؟ أنّ فيها فريضة الحجّ الّذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام. ؟ أنّ فيها ''يوم النّحر''، وهو يوم العاشر من ذي الحجّة الّذي يُعدّ أعظم أيّام الدُنيا، كما روي عن عبد الله بن قُرْط عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ''إنّ أعظم الأيّام عند الله تبارك وتعالى يومُ النّحر، ثمّ يوم القَرِّ'' رواه أبو داود. ؟ أنّ الله تعالى جعلها ميقاتاً للتّقرُب إليه سبحانه بذبح القرابين كسوق الهدي الخاص بالحاجّ، وكالأضاحي الّتي يشترك فيها الحاجّ مع غيره من المسلمين. ؟ أنّها أفضل من الأيّام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، لمَا أورده شيخ الإسلام ابن تيمية وقد سُئِل عن عشر ذي الحجّة والعشر الأواخر من رمضان أيّهما أفضل؟ فأجاب: ''أيّام عشر ذي الحجّة أفضل من أيّام العشر من رمضان، واللّيالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجّة''. ؟ أنّ هذه الأيّام المباركات تُعَدّ مناسبةً سنويةً مُتكرّرة تجتمع فيها أُمّهات العبادات، كما أشار إلى ذلك ابن حجر في الفتح بقوله: ''والّذي يظهر أنّ السبب في امتياز عشر ذي الحِجّة لمكان اجتماع أُمّهات العبادة فيه، وهي الصّلاة والصّيام والصّدقة والحجّ، ولا يتأتّى ذلك في غيره''. ؟ أنّها أيّام يشترك في خيرها وفضلها الحُجّاج إلى بيت الله الحرام، والمُقيمون في أوطانهم، لأنّ فضلها غير مرتبطٍ بمكانٍ مُعينٍ إلاّ للحاجّ.