تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجزائر والمغرب انتعاشا هذه السنة بالخصوص، في مؤشر إعادة بعث هذا الجانب من الشراكة، رغم وجود ملفات عالقة وغلق الحدود البرية واستفحال مشكل التهريب. ويتوقع أن يفوق حجم المبادلات هذه السنة بكثير سقف مليار دولار، مع فائض معتبر للجانب الجزائري، مقابل قرابة 850 مليون دولار عام .2010 ومن بين المؤشرات الدالة على وجود تحرك على مستوى الملف الاقتصادي، عودة الزيارات القطاعية والمشاركة النوعية لرجال الأعمال والشركات المغربية في الصالون الدولي للفلاحة حاليا بالجزائر. بوفد يضم 150 ممثل شركة ومتعامل، برئاسة وزير الفلاحة المغربي، السيد عزيز أخنوش، وهو أكبر عدد يشارك به المغرب منذ سنوات في صالون متخصص، يضاف إلى ذلك مشاركة عالية في آخر معرض دولي جزائري، وكذا قرار الجزائر المشاركة في الصالون الدولي للبناء بالمغرب، بعد مشاركة مغربية في عدد من التظاهرات المتخصصة. وبعيدا عن الملفات العالقة والخلافية، عرفت العلاقات التجارية والاقتصادية انتعاشا، منذ سنة، فبعد قرار المغرب إلغاء الحصول على حق مرور أنبوب الغاز الجزائري- الايطالي، وتحويل العائد المالي الذي بلغ حوالي 100 مليون دولار سنويا، إلى إمدادات من الغاز الجزائري، إضافة إلى زيادة كميات الغاز التي تستفيد منها المملكة المغربية لضمان تطوير الطاقة الكهربائية، استفادت المغرب بمقتضى الاتفاق المبرم في نهاية جويلية الماضي من 640 مليون متر مكعب من الغاز الجزائري، شرع في تسليمه ابتداء من سبتمبر في أعقاب عقد أبرم بين سوناطراك والديوان الوطني للكهرباء، ويمتد العقد على مدى 10 سنوات، ويتم إيصال الغاز عبر أنبوب بيدرو دوران فاريل الذي يزود اسبانيا أيضا. وجاء الاتفاق كثمرة لزيارة وزيرة الطاقة المغربي، أمينة بن خدرة، في فيفري 2011 إلى الجزائر. وإلى جانب الاتفاقيات الثلاثة المبرمة بين الجانبين، في إطار التعاون في قطاع الفلاحة، فإن توافقا جرى بين الجزائروالرباط، لتدعيم عدد من النشاطات في مجال الفلاحة أيضا وإيفاد خبراء من المغرب. كما يرتقب أن يعرف عدد من المجالات خلال السنة المقبلة تفعيلا، في انتظار تفعيل لجان مشتركة أخرى، خاصة المالية منها، واعتماد البنوك المغربية، لاسيما ''التجاري وافا'' التي تنتظر منذ حوالي خمس سنوات الرد على ملف اعتمادها المودع لدى بنك الجزائر، والذي لم يتلق أي رد، إضافة إلى بعث مشروع البنك المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية، الذي يواجه صعوبات أكبر بعد الأحداث في ليبيا، كون ليبيا من أهم المساهمين فيه. وتجلى التقارب بين الطرفين، أيضا، في تسجيل نمو معتبر في المبادلات التجارية، وخاصة صادرات الجزائر من المواد الطاقوية، وارتفاع إمدادات الغاز، منها غاز البوتان والبروبان، فبعد أن بلغت قيمة المبادلات في 2010 حوالي 850 مليون دولار، فاقت قيمة المبادلات خلال العشر أشهر الأولى من السنة الحالية 791,021,1 مليار دولار، منها 066,832 مليون دولار صادرات جزائرية باتجاه المغرب، و606,189 مليون دولار واردات جزائرية من المملكة المغربية. وقامت الجزائر بتصدير أكثر من 712 مليون دولار من غاز البوتان مقابل 215,562 مليون دولار في كامل سنة 2010، وتجاوزت الكميات التي استفاد منها المغرب في 2011، حوالي 842 ألف طن، مقابل 780 ألف طن طوال سنة .2010 وظلت إمدادات غاز البروبان الجزائري باتجاه المغرب معتبرة، وبلغت 072,104 مليون دولار، و117 ألف طن خلال العشرة أشهر من .2011 وعموما، فإن حركة التجارة من الجانبين عرفت نموا ايجابيا، ما يكشف عن توجه جديد في هذا الجانب، رغم وجود تفاعلات سياسية وملفات عالقة وحدود مغلقة، حيث لا تزال الرباط تلح على مسألة فتح الحدود كأحد العناصر الأساسية لتقارب أكبر، فيما تعتبر الجزائر أن المسألة لا ترتبط بمجرد قرار إعادة فتح الحدود، بقدر ما هي قضية تسوية كافة الملفات، بما في ذلك التهريب والمخدرات ومراقبة الحدود.