حضر الوزير الأول الفرنسي الأسبق، جون بيار رافاران، إلى العاصمة الجزائر لبعث العلاقات الاقتصادية بين فرنساوالجزائر، بعد تعيينه من الرئيس نيكولا ساركوزي، في منصب "السيد الجزائر". جون بيار رافاران وعد بفعل أفضل مما تم القيام به إلى اليوم لبناء "شراكة استثنائية" بين البلدين كما سبق وأن قرره الرئيس بوتفليقة وشيراك في مارس 2003 عند زيارته إلى العاصمة الجزائر. وبوصوله إلى الجزائر أعلن رفاران أنه يقوم بتنفيذ المهمة التي أوكلها إليه الرئيس ساركوزي، بهدف "تحضير" المستقبل و"القيام بعمل عميق وتحريك الملفات الاقتصادية بين البلدين"، موضحا أن "التعاون الصناعي في قطاع الصيدلة والمناجم والطاقة والنقل وصناعة السيارات" يتقدم بشكل جيد. للتذكير، يوم 2 مارس 2003 وخلال زيارة شيراك إلى الجزائر (أول زيارة دولة لرئيس فرنسي) انتهت ب"إعلان الجزائر" الذي ينص: "... فرنساوالجزائر ترغبان في بناء مستقبل مشترك... وإنهما مقتنعتان بذلك بدون نسيان الماضي، كما أنهما تضعان أسس علاقة متينة وذات ثقة متوجهة نحو المستقبل... هذا المسار الهادف لإعادة تأسيس يضع كهدف، شراكة استثنائية لتكون نموذج تعاون في المنطقة وفي العلاقات الدولية". إعلان الجزائر الموقع عليه من قبل بوتفليقة ونظيره شيراك، كان يتوقع مشروع معاهدة صداقة فرانكو-جزائرية، كان سيعمل على بناء إطار قانوني للشراكة الاستثنائية بين البلدين، قبل أن يتم وأده بسبب الخلافات السياسية بسبب موضوع الذاكرة والفترة الكولونيالية، ولم ير موضوع المعاهدة النور منذ ذلك التاريخ. من 3 إلى 5 ديسمبر 2007 قام الرئيس نيكولا ساركوزي المنتخب حديثا يقوم بزيارة إلى الجزائر، انتهت بالتوقيع على وثيقة إطار للشراكة واتفاقية للشراكة بين البلدين. وفي 21 و22 جوان 2008 الوزير الأول الفرنسي فرانسوا فيون، يقوم بزيارة رسمية إلى الجزائر، قام خلالها بتوقيع ملفين مهمين، يتمحوران حول ملف التعاون في مجال الطاقة النووية، وملف التعاون في مجال الدفاع. وتلت ذلك الزيارات التي قام بها الأمين العام للرئاسة الفرنسية إلى الجزائر مرتين، حيث استقبل من الوزير الأول الجزائري، قبل أن يقرر الرئيس ساركوزي تعيين الوزير الأول الفرنسي جون بيار رافاران، مكلفا بمهمة تعزيز العلاقات الاقتصادية بين فرنساوالجزائر. وكان الملف الاقتصادي، على رأس الأولويات الفرنسية، وكانت رسالة التكليف بالمهمة الموقعة من ساركوزي، توضح بدقة: "فرنسا تعتبر أول شريك اقتصادي للجزائر، ولكن لا يمكن اعتبار ذلك مكسبا أبديا، وعليه يجب العمل بأكثر ما يمكن لتعزيز وضعنا في السوق الجزائرية...". جون بيار رافاران، أوضح أن "هذه المهمة هدفها التعرف ونزع العراقيل بين البلدين لإقامة استثمارات حقيقية متبادلة". وكما نلاحظ هناك العديد من الزيارات والتصريحات والنصوص، ونوايا حسنة، لكن الأسئلة المعلقة لم تجد بعد الأجوبة المناسبة. التعاون الجزائري الفرنسي في الميدان يقوم التعاون الثنائي بين البلدين على اتفاقيتين: الأول، تم توقيعه في 11 ديسمبر 2006، ينص على الشراكة الاقتصادية والمالية، حيث التزمت فرنسا بمرافقة الإصلاحات الاقتصادية التي باشرتها الجزائر، تقنيا من خلال تكوين الإطارات العاملة في الإدارة الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى دعم الفروع الصناعية في مجال الصيدلة وصناعة السيارة والصناعات الغذائية. الثاني، المذكرة الجزائرية-الفرنسية في مجال التعاون المالي، الموقع يوم 21 جوان 2008 من طرف فرانسوا فيون: وتشمل تحديث الإدارة المالية والاقتصادية ودعم الإصلاحات الميزانية، والمساعدة على إنجاز مدرستين كبيرتين في مجال مهن التأمين وأخرى لتكوين إطارات الخزينة. المبادلات التجارية بين البلدين بلغت المبادلات التجارية بين البلدين سنة 2009 حوالي 11 مليار دولار، يسيطر عليها البترول والغاز الجزائري والمنتجات الغذائية والسيارات والأدوية، ما وضع فرنسا في المرتبة الرابعة بين زبائن الجزائر، وهي أول مورد للجزائر. زبائن الجزائر سنة 2009 أمريكا: 9.26 مليار دولار إيطاليا: 6.29 مليار دولار إسبانيا: 5.32 مليار دولار فرنسا: 4.63 مليار دولار موردي الجزائر سنة 2009 فرنسا: 6.14 مليار دولار الصين: 4.69 مليار دولار إيطاليا: 3.68 مليار دولار إسبانيا: 2.94 مليار دولار ألمانيا: 2.74 مليار دولار هولندا: 2.62 مليار دولار تركيا: 2.06 مليار دولار أمريكا: 1.99 مليار دولار الاستثمارات الفرنسية بالجزائر سجلت الاستثمارات الفرنسية بالجزائر سنة 2009 وجود حوالي 430 شركة فرنسية بالجزائر، تتعلق بإنشاء فروع لشركات فرنسية وعمليات شراكة. وفي منطقة شمال إفريقيا وبالنظر إلى أهمية سوق المغرب العربي، فإن الجزائر هي الدولة التي تستقبل الحصة الأقل من الاستثمارات الفرنسية المباشرة، كما يبين الجدول: المغرب: 700 مليون أورو تونس: 1.52 مليون أورو مصر: 567 مليون أورو الجزائر: 302 مليون أورو وتتعلق الاستثمارات الفرنسية بالجزائر، عدة قطاعات ولكنها نشاطات تجارية واضحة في ظل الغياب شبه الكامل للإنتاج محليا. وهو ما يعني أن المؤسسات الفرنسية لا تخاطر إطلاقا في السوق الجزائرية. تشير البعثة الاقتصادية لدى سفارة فرنسابالجزائر، توضح أن "الاستثمارات الفرنسية بالجزائر، تتركز حول القطاعات المالية والصناعات الغذائية والصيدلة. القطاع المالي (92 مليون دولار)، الصناعات الغذائية (91 مليون دولار)، وهو ما يعني أزيد من 60٪ من الاستثمارات الفرنسية بالجزائر، لتأتي بعدها الصناعة الصيدلانية بحوالي 20 مليون دولار. ويبلغ مخزون الاستثمارات الفرنسية بالجزائر 2.5 مليار دولار. يضاف إلى ذلك 5 مليار دولار من المشاريع المعبر عنها من قبل الطرف الفرنسي على المدى المتوسط. نصفها في قطاع الطاقة". إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا ترضي لا فرنسا ولا الجزائر، لكن الجزائر تعتبر أنها تستغل كثيرا في علاقات تجارية مع فرنسا، على حساب علاقات شراكة حقيقية لا تريد فرنسا الاندماج فيها. الطلبات المتبادلة بين البلدين: تعتبر القطاعات الاقتصادية الأرضية المشتركة التي تريد كل من الجزائروفرنسا التعبير عنها بصراحة. فبالنسبة لفرنسا، فهي تنتظر من الجزائر بالدرجة الأولى: أ- ضمان الأمن الطاقوي لفرنسا، وتخفيض حساسيتها تجاه روسيا في هذا المجال. ب- المساهمة في إنجاز البرامج الطموحة لتجهيز البلاد التي قررها بوتفليقة والفوز بعقود مهمة للشركات الفرنسية. في المجال الطاقوي، يجب التذكير، أن الولاياتالمتحدة استحوذت على حصة الأسد في مجال الطاقة بالجزائر. ومنذ 2005 أصبح الأمريكان أول مستثمر في القطاع، بحوالي 370 مليون دولار. كما أن الولاياتالمتحدة هي أول زبون للجزائر في المجال الطاقوي. هذه الوضعية التفضيلية للولايات المتحدة، تفسر الاستراتيجية الهجومية للرئيس الفرنسي، الذي يريد تقارب بين شركة "غاز فرنسا" و"سويز" مع "سوناطراك"، وتزويد الجزائر بتجهيزات نووية للاستخدامات السلمية. وفي مجال الاستثمارات العمومية الضخمة التي قررتها الجزائر، فإن فرنسا تريد الحفاظ على "سوقها" الجزائرية، في مواجهة المنافسة الأمريكية والصينية واليابانية. لكن هل فرنسا مستعدة لمرافقة الجزائر من خلال شراكة حقيقية تقوم على مبدأ "رابح - رابح" كما تريد الجزائر. في هذا النوع من علاقات الأعمال الجزائرية مع فرنسا، فإن الجزائر لها مطالب واضحة. وهذه المطالب معروفة. وتتعلق بالقطاعات ذات الصلة بالدفاع والأمن، التي بقي التعاون مع فرنسا في هذا المجال متأخر جدا. كما تتعلق الشراكة الاقتصادية بمجالات الإنتاج، وليس فقط بالمجالات التجارية. كما تعني أيضا مجالات تكوين نخبة تسييرية عالية التأهيل بمرافقة فرنسية، وأخيرا، تريد الجزائر أيضا، مرونة عالية في مجال تنقل الأفراد بين البلدين، مع ضمان المراقبة الضرورية. وفي مجال الدفاع الوطني والأمن والتعاون النووي السلمي والطاقة والتكوين، تريد الجزائر "تجريب حالة علاقاتها مع فرنسا" والنوايا الحقيقية لهذه المواضيع مع الجانب الفرنسي الذي يريد إعادة تصليح علاقاته مع الجزائر. خلال الزيارة الأخيرة للسيدة أليو ماري، التي تم تعيينها على رأس الخارجية الفرنسية، الرئيس بوتفليقة، أعلن أن "العلاقات بين الجزائروفرنسا في وضع جيد". وفي رد على سؤال للصحافة، حول زيارة لبوتفليقة إلى فرنسا، قالت أليو ماري، بتفاؤل "إنشاء الله!".