تسبب إعلان هيئة التنقيط الدولية، ستاندار أند بورز، تخفيض تصنيف تسعة بلدان أوروبية، من أهمها فرنساوإسبانيا وإيطاليا، في زعزعة ثقة المستثمرين وتراجع الأسواق المالية. ورغم تواضع تخفيض التصنيف الفرنسي، إلا أن العامل النفسي يلعب دورا حاسما في زمن الأزمة، ويجعل سنة 2012 محفوفة بالمخاطر في منطقة الأورو. فالتخفيض في تصنيف الدولة يعني مباشرة ارتفاعا في نسب الفوائد، وثقة أقل للمستثمرين في توظيف أموالهم، ورفع درجة المخاطرة وفقدان الثقة في قدرة المؤسسات عن تسديد ديونها، ما سيرفع قيمة المديونية العمومية للدول ويضاعف من عجز موازناتها، ويؤثر بالتالي على نسب نموها. وعليه، فإن دولا مثل فرنسا، وأكثر من ذلك إسبانيا وإيطاليا، ستضطر إلى الاقتراض بنسب فائدة أعلى، حتى لو أن الأسواق استبقت المعلومة الخاصة بتخفيض تصنيفها منذ مدة. والأخطر من ذلك أن فرنسا ستتحمل أعباء تخفيض معتبر لتصنيف دول مثل قبرص والبرتغال وإسبانيا إلى جانب اليونان، لأنها تمتلك استثمارات وتوظيفات مالية في دول مصنفة في مراتب سيئة ما بين ''2 ب'' و''2 ج''. وعمليا، ستكون خسائر فرنسا مضاعفة، خاصة أن مديونيتها العمومية مرتفعة (قرابة 1700 مليار أورو)، وتقترب من 87 بالمائة من الناتج المحلي الخام، وعجز يفوق مرتين الحد المسموح به أوروبيا (6 بالمائة بدلا عن 3 بالمائة). ففرنسا ستفقد مزايا الاقتراض بنسب منخفضة، وسيطالب المستثمرون رسوما وعلاوات أكبر لتغطية المخاطرة. وكلما ارتفعت النسبة بنقطة، يعني ذلك دفع الدولة الفرنسية لكلفة إضافية ب3 ملايير أورو سنويا للموارد المالية العمومية. وكلما ارتفعت كلفة الاقتراض، كلما لجأت الدولة الفرنسية إلى سياسات تقشفية، ما يعني رفع الضرائب وتخفيض النفقات، كما حدث مع مخطط التقشف المعلن عنه في نوفمبر من قبل الوزير الأول فرانسوا فيون. كما ستتأثر فرنسا من حيث ارتفاع نسب التضخم وتأثر القروض الموجهة للعقار الموجهة للخواص، حيث سترفع البنوك نسب الفوائد لتكون مماثلة للنسب المفروضة على سندات الخزينة للدولة الفرنسية، وهو ما يدفع العقار إلى الارتفاع. وستتأثر المجموعات المحلية الفرنسية التي ستخفض تصنيفها، على غرار البنوك وشركات التأمين، لتجد صعوبة أكبر للاقتراض هي أيضا، ما يدفع البلديات والمقاطعات إلى تعديل الضرائب محليا أيضا. لذلك، ولتفادي حدوث ذلك، سارعت الحكومة الفرنسية إلى طمأنة الأسواق والتقليل من آثار التخفيض في التصنيف الفرنسي، رغم أن أبعادها مقلقة، مع قرار توقيف التفاوض حول الديون اليونانية، وإخفاق باريس في إقناع برلين ولندن لفرض رسم على التعاملات المالية والرفع من قيمة صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، في وقت تحتاج فيه أوروبا إلى قيمة 3000 مليار دولار لحل أزمتها، من خلال إصدار سندات وتغطية العجز.