حملت تقارير أجهزة الأمن، بعد الحركات الاحتجاجية التي شهدتها عدة ولايات في الأشهر الأخيرة، الولاة ورؤساء الدوائر والمنتخبين المحليين مسؤولية أغلب الاحتجاجات بسبب التأخر في التكفل بانشغالات المواطنين والفشل في إدارة ملفي الشغل والسكن. اعتبرت التقارير الأمنية حول الاحتجاجات، أن الولاة والمنتخبين مسؤولون عن أغلب الاحتجاجات بسبب غياب الاتصال بالمواطنين، وانحصار العلاقة بينهم وبين المواطنين في أعيان ومنتخبين لا يملكون أي تمثيل في الشارع. ولوحظ في كل الاحتجاجات تقريبا غياب الحوار بين المسؤولين المحليين والمواطنين إلى غاية اندلاع الأحداث حسب المعلومات المتوفرة. وطلبت رئاسة الجمهورية حسب مصدر عليم تقارير حول علاقة الولاة والمسؤولين المحليين والمنتخبين بالمواطنين في الولايات، وطريقة اتصال المسؤولين المحليين بالسكان في إطار تحقيق عام لمعالجة المشاكل الاجتماعية قبل الحملة الانتخابية للتشريعيات القادمة. وأشارت تقارير أجهزة الأمن إلى البيروقراطية الشديدة التي تطبع تعامل الإدارة المحلية مع ملف السكن، وتأخر إطلاق عشرات المشاريع والأخطاء التي تتكرر في كل الولايات تقريبا أثناء توزيع السكنات، ومنها غياب هيكل واضح يسهل التحاور بين طالبي السكن والهيئات المخول لها توزيع السكنات، والمعاملة السيئة التي يلقاها المواطنون في دواوين الولاة بسبب إجراءات الأمن والبيروقراطية، وسيطرة رؤساء دواوين الولاة على مقاليد التسيير في الإدارات. وطلبت رئاسة الجمهورية من مصالح الأمن والدرك، بناء على تقارير سابقة، إعداد توقعات للاحتجاجات وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول الحركات الاحتجاجية ومن يقودها، وتقديم أهم الأسباب التي تدفع مواطني الولايات للاحتجاج في كل جهة، والأوضاع المعيشية للسكان، في إجراء للتأكد من مدى صحة تقارير الولاة حول الأوضاع الداخلية في الولايات. كما طلبت الرئاسة ووزارة الداخلية تقارير دورية حول نتائج الاحتجاجات بعد وقوعها، ودرجة تكفل المنتخبين بالمشاكل اليومية للسكان في إجراء للتحقيق حول أسباب تعاقب الحركات الاحتجاجية المطلبية عبر الولايات. وكشف مصدر عليم بأن المسؤولين في أعلى هرم الدولة يتخوفون بصفة جدية من تأثير الاحتجاجات المتعاقبة التي تشهدها عدة ولايات على المواعيد الانتخابية القادمة، وتحقق مصالح الأمن في إمكانية قدرة الاحتجاجات على تعطيل الحملات الانتخابية وعملية الاقتراع القادمة. ويعمل مختصون في تحليل المعلومات على مستوى مركزي على مقارنة تقارير أجهزة الأمن بالمعلومات التي قدمها الولاة لوزارة الداخلية حول الاحتجاجات. كما تعمل مصالح الاستعلامات العامة التابعة للشرطة وخلايا الاستعلامات التابعة للدرك الوطني، على توقع الاحتجاجات والتحذير منها بناء على المعلومات التي يجمعها ضباط وعناصر استعلامات متخصصون في الشأن المحلي عبر كل ولاية. وتجيب هذه التقارير على عدة أسئلة أهمها وضعية قطاعات التشغيل والسكن والقدرة الشرائية للسكان ومدى توفر المواد الغذائية الأساسية في الأسواق وأسعارها، وعلاقة المنتخبين والمسؤولين المحليين بالسكان. للإشارة تعد المديرية العامة للأمن الوطني بمعية قيادة الدرك، منذ مدة، تقارير دورية حول الأوضاع المعيشية للسكان وأهم المشاكل التي يعانون منها عبر كل الولايات، في إطار برنامج لتوقع الاحتجاجات القادمة عبر الولايات تمهيدا لكيفية التصرف معها.