لا شك أن الدبلوماسية الجزائرية تمر بامتحان عسير، فبعد تعقيدات الملف الليبي، ها هو الملف السوري يلقي بظلاله على دور الدبلوماسية الجزائرية مجددا، خصوصا وأن الخيال الواسع للرئيس التونسي المنصف المرزوقي، اقترح إطلاق اسم مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، الأمير عبد القادر، على قوات حفظ السلام العربية. الامتحان عسير لعدة أسباب، فهل تقبل الجزائر من الأصل إطلاق تسمية الأمير عبد القادر على مهمة قوات عسكرية عربية في سوريا، وهي التي تعارض من حيث المبدأ التدخل الأجنبي، سواء كان غربيا أو عربيا. ولنفرض جدلا أن العرب اتفقوا على إرسال قوة عربية لحفظ الأمن في سوريا لاحقا، فهل من السهل على الجزائر عدم إرسال قوات عسكرية، في حين أن اسم الأمير عبد القادر سيكون في الواجهة، ويوحي بأن الجزائر هي التي تتبنى العملية. طبعا، لا أحد يشك في نوايا الرئيس التونسي الحسنة التي دفعته لاقتراح اسم الأمير عبد القادر على قوات حفظ السلام العربية إلى سوريا، ولكن المشكلة الآن تتعلق برمز هو ملك لكل الجزائريين وليس لطرف دون آخر. فالأمير عبد القادر يحفظ له التاريخ وقفته المشرفة عام 1860 عندما وقعت فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ففتح بابه للمسيحيين وآواهم، واستغل كل وجاهته لإطفاء نار هذه الفتنة. اليوم، وبعد عقود طويلة من الزمن، يبدو أن إرث الأمير عبد القادر في سوريا يدفع بأحفاده لأن يقوموا بالواجب. والسؤال: ما هو الواجب اتجاه إخواننا في سوريا؟ هل الوقوف بجنب شعب يُذبح يوميا، ومنذ سنة تقريبا، أم الوقوف في وجه قوى دولية تريد تركيع الأنظمة العربية ''المارقة'' وفق تصورها؟ وفي كل الأحوال، شكر الله سعي الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، الذي فتح على الجزائر باب ''ريح'' كبير، لا مفر لدبلوماسية الرئيس بوتفليقة من مواجهة هوجائه، فإما تشريف ذكرى الأمير عبد القادر، وإما تلقي ''ضربة'' دبلوماسية أخرى موجعة، وما أكثرها هذه الأيام.