طالبت المنظمة الوطنية للمجاهدين بإقرار مشروع قانون تجريم الاستعمار في البرلمان المقبل، بعدما تم إسقاطه في البرلمان الحالي، في موقف ''لم يتحمس له''، وزير المجاهدين، محمد شريف عباس، رغم أنه كان في صف المدافعين عنه العام الماضي. جدد الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، سعيد عبادو، تمسكه بمطلب تبني مقترح قانون تجريم الاستعمار، الذي رفضه مكتب رئيس المجلس الشعبي. وطالب فرنسا بالاعتراف بجرائمها الشنيعة خلال الحقبة الاستعمارية، والاعتذار عنها، خلال قراءته تقريرا حول حصيلة نشاطه على رأس المنظمة، ضمن أشغال مؤتمرها ال11 التي جرت بقصر الأمم. وألح عبادو على إقرار المشروع في البرلمان القادم، على أن ما تطرحه ''مطابخ السياسة الفرنسية هو إمعان في تهرب فرنسا من تحمل مسؤولياتها التاريخية، إزاء ما ألحقته من مظالم ومآس بالشعب الجزائري''. كما طالبت المنظمة باسترجاع ''الممتلكات المهربة والأرشيف المرحل، باعتبار ذلك جزءا من حقوق الشعب الجزائري، ومن ذاكرته الوطنية التي لا يملك أي جيل حق التنازل عنها''. وجاء في التقرير الذي قرأه عبادو أمام 900 مشارك في المؤتمر أن المسؤولين الفرنسيين، ولأهمية هذا الملف بالنسبة للأجيال الوطنية ''نراهم يمضون في اجترار دعوتنا لنسيان الماضي، والتوجه نحو المستقبل''، معتبرا أن باريس دأبت على ''تكريس خطاب رفض التبعات المرتبطة بحقبة الاحتلال، وترغيب الطرف الجزائري في إقامة علاقات تواكب ما يشهده العالم من تغيرات''. وسجلت الأسرة الثورية تضادا في الموقف حيال مقترح قانون تجريم الاستعمار، فبينما رافع سعيد عبادو، مطولا لصالح إقرار المشروع في البرلمان القادم، ناقض وبدرجة قصوى، وزير المجاهدين المسعى، وقال، من منبر القناة الإذاعية الأولى أمس، إنه ''غير متحمس للمشروع''، وأن هناك ''أولويات'' وطنية لا يجب التغطية عليها بهكذا قضايا. في تصريح بقدر ما يعكس تخبطا في مواقف العائلة الثورية، بقدر ما يشير إلى ''انقلاب'' شريف عباس في موقفه، حيث سجل عنه يوم السابع من ماي 2011، عشية الاحتفال بذكرى الثامن ماي 1945، أنه دافع عن مقترح قانون تجريم الاستعمار، وقال عنه ''إنه مطلب تجتمع حوله كل القوى الحية في البلاد''. وكان الوزير حينها يرد على مطالب تنظيمات من المجتمع المدني بضرورة إعادة بعث المشروع، أكد حينها أن ''تنظيمات المجتمع المدني بكل أطيافها متشبثة بقانون تجريم الاستعمار''. وتابع ''لا يمكن وصف المطلب بالقديم، ولا بالجديد، لأنه لا يرتبط بجيل دون آخر. كما أن تمجيد الاستعمار لا يمكن إلا أن يثير استنكار الضمير الإنساني عامة، والشعوب التي تجرعت ويلاته''. وكان شريف عباس جالسا إلى جانب عبادو على منصة المؤتمر في يومه الأول، وبدا غير موافق لرؤية عبادو فيما يتصل بالقانون المذكور. ليؤكد في ثاني يوم من المؤتمر، لدى نزوله ضيفا على القناة الأولى الإذاعية، أن ''السعي وراء الموافقة على مشروع قانون تجريم الاستعمار، كرد فعل على مصادقة البرلمان الفرنسي سنة 2005 على قانون يمجد الاستعمار، ''سيلهينا عن الاهتمام بقضايا أكثر عمقا وأهمية من شأنها خدمة مصلحة الوطن''. وطالب العديد من المشاركين في المؤتمر بالمصادقة على مشروع قانون تجريم الاستعمار، بالإضافة إلى منع مزدوجي الجنسية من تولي مسؤوليات في الدولة. وشدد مجاهدون بأنه ''من الواجب الوطني أن يصادق البرلمان القادم على القانون''، ليكون بمثابة الرد على قانون تمجيد الاستعمار لسنة ,2005 كما سبق، وأن أكد عليه سعيد عبادو، الذي قال ''نأمل أن يوافق البرلمان القادم على قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، لأن هذه الموافقة هي مطلب حقيقي وواقعي''.