لا توجد وكالة أنباء غربية واحدة أو فضائية تناولت قضية مقتل الأطفال ''اليهود'' الثلاثة ومرافقهم أمام مدرستهم بتولوز الفرنسية وقبلهم الجنود الأربعة ولم تقرن اسم القاتل محمد مراح بأصوله الجزائرية. ولم تشر جهة إعلامية واحدة في حدود متابعتي إلى أن هذا الإرهابي فرنسي المولد والجنسية علاوة على أنه دخل السجون الفرنسية منذ طفولته لمرات عديدة. ولم تركز الفضائيات والوكالات، خاصة الفرنسية منها، على كون هذا الإرهابي تنقل مرتين في سنتي 0102 و1102 على التوالي إلى أفغانستان وباكستان مباشرة من فرنسا وبجواز سفر فرنسي، قبل أن تعتقله القوات الأمريكية وتسلمه لنظيرتها الفرنسية دون أن يمر عبر الجزائر من''حسن حظنا''، وإلا لتحولت هذه القضية إلى ''تيبحرين'' ثانية أو محمد قلقال آخر. صحيح أن ظروف الحملة الانتخابية للرئاسيات الفرنسية زادت من جرعة العداء للأجانب وعلى رأسهم الجزائريين، لكن كان الأولى بالمخابرات ومصالح الأمن أن لا تغمض أعينها على عنصر تنقل إلى بؤرتين مصدرتين للإرهاب قبل أشهر قليلة بدل الحفر في الأصول الأولى لكل فرنسي صدرت عنه سلوكات تضر بمصلحة فرنسا وشعبها. ولم يسبق لفرنسا ''اللائكية'' أن تكلمت عن ضحايا فرنسيين بأصولهم الدينية مثلما وقع مع هؤلاء الأطفال الذين اقترن الحديث عنهم بأصولهم اليهودية، لكن بتناول يختلف عما حدث مع الإرهابي الفرنسي محمد مراح. طبعا لأن الأمر يتعلق بالتحالف بين دولة دينية يهودية وأخرى علمانية، تعرف متى وضد من تشهر علمانيتها. وتبقى الوكالات والفضائيات نفسها التي رقصت على أصول هذا الإرهابي الفرنسي الجزائرية، رغم أنه لا يعرف شيئا عن الجزائر، هي نفسها التي لم تشر يوما إلى أن مؤهل فرنسا للمونديال ومتوجها بكأس العالم ينحدر من نفس الأصول مثله مثل الكثير من النجوم الآخرين. وإن كان لا يوجد إنسان عاقل يوافق على اغتيال الأبرياء بدم بارد فإن القضاء على هذا المجرم أراح الكثيرين من الضرر الذي كان من المفروض أن يلحقه بأبرياء آخرين، في حين لا بد من تذكير فرنسا الرسمية بأن الشعب الجزائري الذي اكتوى أكثر من غيره بالإرهاب طيلة عشرية كاملة، يعرف أيضا أن فرنسا الرسمية كانت ملاذا للكثير من المجرمين الجزائريين الذين تلقوا تسهيلات لدخول التراب الفرنسي بمجرد امتلاكهم لبطاقة ''حزب''. وفرنسا التي تخاف اليوم على جمهوريتها تناست أنها جندت في ديسمبر 79 الاتحاد الأوروبي بجيش من المراقبين ''للبحث عمن يقتل من؟''.. في يوم حل فيه هذا الوفد كان المجرمون من أمثال الفرنسي مراح قد ذبحوا 92 شخصا بقرية حاسي العبد بولاية سعيدة. طبعا وأرشيف الصحافة والأمن بيننا لأن ''القتلة أبناء القرية'' مثلما عنونت ''الخبر'' يومها صدر صفحتها الأولى.