هل أخفى الأمن الفرنسي باغتياله ”مراح” حقيقة القضية وخلفياتها السياسية حتى يذهب سر الرجل معه؟ أطرح هنا نفس التساؤل الذي طرحته صحف بريطانية وأخرى أمريكية، وهو: مادام الرجل كان معروفا من قبل الأمن الفرنسي، لماذا تركه يسافر الى قندهار؟ أم أنها هي من أرسلته، لتجعل منه كبش فداء ساعة الحاجة، والحاجة الملحة اليوم هي حملة ساركوزي للرئاسيات. العملية فضيحة، بل غباء غير مسبوق من قبل فرنسا، أمنيا وسياسيا، لكن هل تسمح إسرائيل بأن يغتال أبناؤها ببرودة دم من أجل فوز ساركوزي بالانتخابات؟ الحقيقة ستظهر إن عاجلا أم آجلا، أن مراح، المجرم والإرهابي، الصورة التي حاول تسويقها إعلام ساركوزي، مع الإصرار على أصوله الجزائرية وإهمال جنسيته الفرنسية، هو منتوج المخابرات الفرنسية، أعدته للتضحية به وقت الحاجة، ولذلك تمت تصفيته، وكان بإمكان الأمن أن يلقي القبض عليه دونما حاجة إلى هذه الترسانة الأمنية، بل كان بإمكانه إلقاء القبض عليه عند اقترافه جريمته الأولى، لكن العملية لن يكون لها التأثير الإعلامي المرغوب ما لم توجه الى إسرائيل.. واليوم، يخرج ساركوزي بخطاب يحاول من خلاله كسب أصوات اليهود والمسلمين والعرب معا، بإرساله آلان جوبيه لحضور جنازة الأطفال الإسرائيليين مرتديا القلنسوة، ويقول ساركوزي إنه لا يجب الخلط بين الإرهاب والإسلام، لكن بعد ماذا؟ فقد أعطى صورة على ما تكون عليه فرنسا بعد الانتخابات إن هو نجح في مسعاه، ستختار الحلول الأمنية، بدلا من البحث عن حلول حقيقية للمجتمع الفرنسي ومهاجريه، وستطلق يد الأمن على مطاردة كل من هو جزائري، ومثلما جاء ساركوزي إلى الحكم على حساب انتفاضة أطفال الضواحي التي دبرها عندما كان وزيرا للداخلية، هاهو اليوم يستعمل شابا فرنسيا، من أصل مغاربي لا توحي ملامحه من كل الصور التي بثتها الفضائيات أن له علاقة بالتطرف الإسلامي، وكونه سرق حقيبة يد ودخل السجن لا يجعل منه إسلامويا، أو منضويا في صفوف القاعدة، بل هي سيرة مفبركة ليس إلا. قتل مراح، وصعدت أسهم ساركوزي في بورصة سبر الآراء، ولن يعرف العالم دوافع جريمته، ولا من زج به فيها، فقد حكم عليه الأمن الفرنسي بالإعدام من غير محاكمة ونفذ فيه إعدامه، ليمروا إلى شيء آخر ويحصد ساركوزي حصاده، فهل سيترحم ساركوزي يوما على قبره، إن هو نجح في الانتخابات؟