نظمت الجمعية المغاربية لترقية العلاقات الاقتصادية والمالية أمس بالعاصمة يوما دراسيا حول بناء المغرب العربي، حيث سعت كونفيدرالية إطارات المالية والمحاسبة الجزائرية -الطرف المنظم للقاء- إلى إشراك مجموعة من الخبراء في عديد المجالات في النقاش حول أهمية وحتمية بناء اتحاد مغرب عربي للتصدي للرهانات الاقتصادية والاجتماعية الحالية والمتوقعة في العقود القليلة القادمة. وقال السيد عبد الكريم محمودي، رئيس الكونفيدرالية، أنه لا بد من دق ناقوس الخطر لدفع السلطات المعنية لإدراك خطورة الوضع، وأن الحل لن يكون إلا من خلال وحدة مغاربية على المستوى الاقتصادي على الأقل، في انتظار تجاوز المشكلات السياسية. وفي هذا السياق أبرزت مداخلة الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الحق لعميري حجم الخسائر المادية التي تتكبدها دول المغرب العربي جراء تغاضيها عن التعاون والتكامل الاقتصادي، والتي قدرها في حدود 4 إلى 5 ملايير دولار سنويا، مشيرا إلى أن حجم التبادل بين الدول الخمسة لا يتجاوز 3 بالمائة، وهي أدني نسبة تبادل تجاري بين دول متجاورة، ليضيف أن التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة قد يتيح الفرصة لخلق أكثر من 200 ألف منصب شغل مباشر. ولعل أكثر ما أكد عليه الخبير الاقتصادي هي حتمية بناء اتحاد مغاربي اقتصادي للتصدي للأزمات الاقتصادية والاجتماعية المرتقبة على العشرية القادمة. فقد أشار السيد لعميري إلى أن الجزائر ستجد نفسها أمام اختيار مصيري يحتم عليها توقيف تصدير الطاقة، أو أن تتحول إلى بلد مستورد للطاقة ما يضاعف مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية، موضحا أن الحل يكمن في خلق الثروة من خلال خلق منطقة مغاربية موحدة اقتصاديا، مشيرا إلى أن كل المقومات متوفرة في انتظار الإرادة السياسية. من جانب آخر، تطرق المحاضرون إلى ضرورة خلق فضاءات مغاربية للتشاور والحوار وتبادل الآراء، حيث أجمعت مداخلات خبراء إعلاميين على ضرورة التواصل الإعلامي وخلق إعلام مغاربي، وهو ما شددت عليه مديرة مكتب الجزائر لقناة ''نسمة'' التلفزيونية، حيث أكدت في مداخلتها على أن القناة تتعامل مع ثقافة مغاربية متجانسة بغض النظر عن الحدود والسياسات، في إشارة إلى أن شعوب المنطقة تكرس على أرض الواقع الوحدة الثقافية. من جهته، اعتبر السيد الشريف رزقي، المدير العام مسؤول النشر لجريدة الخبر أن ''الوحدة الثقافية مكرسة بين شعوب المنطقة، غير أنه لا يمكن الحديث عن بناء تكتل متجانس لا اقتصاديا ولا إعلاميا في غياب الحرية''، مشيرا إلى وجود هياكل رسمية ''مجرد حبر على الورق''، على غرار مجلس الشورى المغاربي الذي لا يعكس أي تكامل مغاربي. وفي سياق ذي صلة شددت نبيلة منيب، أستاذة جامعية من المغرب، على ضرورة تجاوز فكرة المؤسسات الرسمية والمبادرات السياسية والتركيز على خلق فضاء للمجتمع المدني في دول المنطقة من أجل التواصل وفرض منطق جديد على السلطات في دول المغرب العربي من أجل تكريس هذه الوحدة سياسيا.