أكثر من 60 ألف نسمة موزعين في مداشر الشريط الحدودي بولاية الطارف غير معنيين بمجريات الحملة الانتخابية، إلى حين تصلهم صناديق الاقتراع، فيقصدونها لإملائها، بحسب مفهومهم العفوي بأنه واجب وطني مقدس دون اختيار مسبق للقوائم التي لم يكلف مرشحوها أنفسهم عناء زيارة هذه المناطق المعزولة، التي لا تناسب سير مواكب سياراتهم بسبب اهتراء شبكة الطرق الريفية. وهكذا استغنى المترشحون للانتخابات عن شريط حدودي بطول 95 كلم، وبعرض يتراوح بين 10 و20 كلم، آهل بالتجمعات الريفية للعروش المحلية. ولأن سكان المنطقة، بدءا من قرون عائشة، سليانة، العناب ببلدية بوحجار جنوبا، إلى خط حدودي شمالا يشمل الهناشير والسطاطير ببلدية عين الكرمة، المرادية، النشيعة، الجنين وحمام سيدي طراد ببلدية الزيتونة، مرورا ببلدية بوقوس في بني سعيدان، ريحانة، العين الكبيرة ومجودة، ثم وادي جنان بالعيون وسقلاب بالعيون، مع الخط البحري شمالا، كلها تشكل محور مداشر ودواوير ومشات محاذية للحزام الحدودي، همّ سكانها الوحيد مواجهة الحياة اليومية الصعبة مع العزلة من عطش واهتراء الطرق وبطالة، والسطو على مواشيهم من قبل عصابات التهريب الحدودي، وغياب التنمية الريفية، وإقصائهم من مشاريع التنمية المحلية والقطاعية والإنعاش الاقتصادي. ويقول شيوخها وأعيانها إنهم يختارون أوراق الانتخاب يوم الاقتراع، بتوجيه من الأطراف المهيمنة على مجالسهم البلدية. وهذه الأخيرة، حسب طبيعة المنطقة، ذات تيار وطني، يتداول عليها الأرندي والأفالان. وإن كان شباب المنطقة متفتحا على التعددية الحزبية، فإن مفهومهم لموعد التشريعيات ما هو إلا حكر لأشخاص من سكان المناطق الحضرية، ولا وجود لمترشحين من ترتيب الأوائل في القوائم من سكان الشريط الحدودي. ويقول سكان هذه المناطق المعزولة إنهم لا يعرفون المترشحين إلا من خلال صورهم في الحملة الانتخابية، وأن الكثير من المتاعب والكوارث التي كانت مصدر احتجاج سكان المنطقة لم يروا فيها تدخل هذا النائب أو ذاك. وفي الغالب، فإن النساء بمختلف أعمارهن ومستوياتهن التعليمية لا يعرفن صناديق الاقتراع، حيث يصوت بدلا عنهن أزواجهن، وإن كان بدون وكالة رسمية، أمام تسهيلات مؤطري الصناديق وغياب المراقبين من الأحزاب المنافسة.