من أراد منكم أن يفوز في سباق أو ينتصر في منازلة أو يسجل أهدافا في مباراة فما عليه إلا ارتداء اللون الأحمر.. هكذا يرى علماء الأنتروبولوجيا الإنجليز.. والمسألة لا علاقة لها بفوز الأندية أو المنتخبات التي تختار اللون الأحمر، وهي كثيرة.. ولكن الدراسة التي قام بها الخبيران راسل هيل وروبرت بارتون من جامعة ''دورهام'' أكدت أن اللون له دور هام (..) في ترجيح كفة الفوز.. وتعلق الأمر برياضات قتالية خلال أولمبياد أثينا ,2004 حيث تم إحصاء 16 فائزا من أصل 21 متنافسا كانوا يرتدون اللون الأحمر.. والتفسير الأولي هو أن هذا اللون يثير الرغبة في الفوز والرهبة لدى الخصم.. وكأن الأمر مقلوب إذا نظرنا إلى المسألة من زاوية مصارعة الثيران، حيث كثيرا ما تدفع قطعة القماش الحمراء الثور إلى مزيد من الهيجان فينتهي صريع طعنات سيف حاد.. ولا أعرف إن جرب المصارعون ألوانا أخرى كالأصفر لون الغيرة، والأبيض لون الأمل، والأزرق لون السلام، والبنفسجي لون الربيع العربي.. هذه الدراسة، من دون شك، ستكون لها عواقب وخيمة على تفكير المنتخبات والنوادي، وأن الجميع سيغير ألوانه، ويرمي كل ألوان الطيف جانبا ويكتفي.. بالأحمر. وهذا لا يعني بالضرورة أنّ الأحمر يفوز دائما، فبايرن ميونيخ الألماني خسر كأس أوروبا للأندية أمام الأزرق تشيلسي الإنجليزي أمام جماهيره.. قد نصدق الدراسة إذا أخذنا على سبيل المثال النتائج التي حققها أندية مثل، بنفيكا البرتغالي وهو أحمر، والأهلي المصري وهو أحمر، وأرسنال الإنجليزي وهو أحمر، والبايرن وهو أحمر، واتحاد الجزائر وهو أحمر (فشل في نيل اللقب)، وشباب بلوزداد وهو أحمر (فشل في نيل الكأس).. وفرق كثيرة لا تتسع مساحة المقال لذكرها جميعا، لكنّ الأحمر يكون بدرجات متفاوتة، فهناك أندية حمراء 100 بالمائة مثل ليفربول الذي أنهى علاقته بكأس أبطال أوروبا في واقعة حمراء هي ما شهده ملعب هايسل في العام ,1985 وظل الأحمر الإنجليزي يقاوم ويقاوم حتى عاد إليه فورانه واستعاد اللقب من فريق لا يلبس الأحمر دائما هو ميلان.. وكلّنا شاهد وسمع مناصري ليفربول يرددون أغنية النادي الشهيرة التي يتردد فيها اللون الأحمر مرات عديدة.. وهي أغنية تجعل الدم يخرج من عروقهم (..) حتى برشلونة له قليل من الأحمر، وكثير من الأزرق.. وبين اللونين تتقاطع ألوان الأصفر والأزرق البارد، وكثير من اللعب الجميل. هناك أندية ومنتخبات أطلقت على نفسها أسماء منها ''الشياطين الحمر'' كمنتخب البلاجكة (بلجيكا) الذي تحوّل فيه إلى ملائكة.. فخرجت الشياطين من لونها الأحمر، ولم يعد لهم ذلك البريق وتركوا التسمية للسينغاليين الذين يفضلون كثيرا من البياض أو الصفرة، وقليلا من الحمرة.. شيء آخر يتعلق بالدول الحمراء (..) وأعني بها بلدان المعسكر الشرقي، وهي في أغلبها تفضل اللون الأحمر، ولو في الجوارب أو القمصان.. لأن ذلك يعد شيئا من الإيديولوجية التي لا يمكن التخلي عنها، ولو في اللباس الرياضي.. ألم يُبق الكوبيون على اللون الأحمر بما يحقق لهم من ميداليات وألقاب.. والأتراك لم يتنازلوا عن اللون الأحمر، وفتّحوا أعينهم الحمراء في نهائيات أمم أوروبا ,2006 قبل أن تفلت من أيديهم الجرّة، فيسقطوا هذه المرّة.. أخشى أن تصدقوا أنّ اللون الأحمر يفوز دائما.. والدليل أن البرازيل لا تحب اللون الأحمر، وإذا حدث واختارته فإنها ستنهزم ولو أمام منتخب جزر الرأس الأخضر(..). فالبرازيل بالأزرق والأصفر يقلب الموازين مهما بلغت حمرتها.. وأما المثل الآخر فهو يتعلق باليونان الذي يفضل الأبيض والأزرق.. وقد قهر في نهائي أمم أوروبا 2006 منتخبا اشتهر باللون الأحمر هو البرتغال.. والعرب في مجملهم يفضلون الأحمر، فمنتخبات تونس والمغرب ومصر والبحرين وسوريا والأردن والسودان والإمارات تختار هذا اللون، ولا تتنازل عنه إلا إذا تبارت فيما بينها.. أمّا منتخب اليمن فيفضل الأخضر، رغم أن رئيس اتحاده لكرة القدم لفترات سابقة هو نجل عبد الله الأحمر.. في آسيا يفضل الصينيون اللون الأحمر، لهذا فإنهم متفوقون في ألعاب القوى والرياضات الفردية الدقيقة.. وألعاب السيرك، وأكدوا في أولمبياد 2008 تفوق الجنس الأصفر ذي اللباس الأحمر.. شيء آخر لم أفهمه لماذا لم ينجح الهنود الحمر في الرياضة ونجحوا في أفلام رعاة البقر؟ ولماذا نجح الخمير الحمر في كامبوديا بزعامة بول بوت في إبادة مليوني شخص وفشلوا في تشكيل فريق كرة من أحد عشر لاعبا؟ ولماذا لم نعد نسمع في زمن الإرهاب عن الجيش الأحمر الياباني؟ والألوية الحمراء الإيطالية؟ أم لأن المدّ الثوري انتهى، لينتشر المدّ الأصولي شرقا وغربا؟! بعض الناس يقولون إن المنتخبات تختار ألوان العلم الوطني، ولكن هذا ليس ضروريا، والدليل أن الهولنديين اختاروا البرتقالي الذي لا علاقة له بألوان العلم البيضاء والزرقاء والحمراء.. ولكن على أي حال فالبرتقالي هو شقيق الأحمر.. ويروى أن في العائلة المالكة من يجتذبه اللون البرتقالي.. فتبرّكا به صار لونًا لرفاق كرويف في السبعينيات، وروبين هذه الأيام.. ويعدّ أصحاب الزيّ الأبيض والأسود أكثر من يحقق الاختراق في قاعدة انتصار الأحمر دائما، فسانتوس البرازيلي وجوفنتوس الإيطالي ووفاق سطيفالجزائري يشكلان الاستثناء باستمرار.. وربما هذا ما يجعلني أحب اللون الأسود، لأنه لون الحبر الذي يستهويني، ولأنني أحيانا أدافع عن الحكّام ظالمين أو مظلومين.. باعتبار أنّ أخطاءهم من متعة اللعبة، رغم أنّ أخطر ما يشهرونه في وجوه اللاعبين هو البطاقة الحمراء.. [email protected] www.azzedinemihoubi.com