التقت ''الخبر'' بالعاصمة البوركينابية أول لاعب بوركينابي لعب في البطولة الجزائرية، من سنة 1975 إلى سنة .1979 إنه هارونا دارمي، صاحب ال59 عاما، الذي لعب لرائد غرب وهران وشباب عين تموشنت، واستعاد معنا شريط ذكرياته عن الباهية وهران، وعن لاعبي السبعينيات بكثير من الحنين، وكأن كل ذلك جرى بالأمس فقط. هارونا دارمي معروف لدى مصالح السفارة الجزائرية في بوركينا فاسو، لأن تعلقه بالجزائر جعله يحضر الاحتفالات الرسمية بالسفارة في عيدي الاستقلال والثورة ومناسبات أخرى، إلى درجة أنه أصبح يعتبر جزائريا، ولم يخف دارمي، الجناح الأيمن في السبعينيات، تعلقه بالجزائر، وراح يتحدث عن الجيل الذهبي وعهد الكرة الراقية، حسب قوله، في فترة ''لا يمكن أن أنساها''. 'المناصرون كانوا يأتون للملعب لا لرؤية بلكدروسي يسجّل إنما كيف يسجّل وتحدث دارمي، الذي تنقل خصيصا من أجل ملاقاتنا بصفتنا إعلاميين من الجزائر، ليؤكد بأنه، حسب علمه، أول لاعب من بوركينا فاسو لعب في البطولة الجزائرية، مشيرا ''لم أسمع أن لاعبا بوركينابيا لعب قبلي في الجزائر، أظن أنني الأول، فقد كنت لاعبا دوليا في منتخب ''فولتا العليا''، وقد تغير اسم بلدي وأصبح بوركينا فاسو، وسبق لي مواجهة الجزائر مرتين، وخسر بثلاثية، ثم بسبعة أهداف مقابل هدفين. كانت هزيمة قاسية أمام تشكيلة جزائرية قوية، ضمّت المدافع الحر المتميز ميلود هدفي، لقد كان قصير القامة لكن ارتقاءاته مميزة''. وواصل يقول ''بعدها بسنتين أو ثلاث، أي بعد 1973، تنقلت إلى الجزائر، وتحديدا إلى وهران، لأتابع دراستي في معهد المواصلات، وتعرّف عليّ البعض، منهم موسى العرباوي من رائد غرب وهران، وطلب مني الانضمام إلى فريقه. لكن ميلود هدفي، الذي عرفني في مباريات المنتخبين، ألح عليّ للانضمام إلى مولودية وهران، واخترت في الأخير رائد غرب وهران، ولعبت موسمين من 1975 إلى 1976، ثم انتقلت إلى شباب عين تموشنت لموسم واحد في القسم الثاني، وتوقفت عن اللعب في السنة الرابعة، لأنني كنت بصدد تحضير مذكرة التخرج''. وقال هارونا دارمي، الذي كادت عيناه أن تفيض دمعا، وهو يتحدث عن ذكرياته في وهران، ثم يستعيد مبتسما بعض شعارات الأنصار مثل ''سيدي الهواري أعطيلنا البالون''، بأنه يعتبر المدافع ميلود هدفي نجما فوق العادة، مضيفا ''هدفي لاعب من طراز بيكانباور، وهو نجم الكرة الإفريقية دون منازع. إنه لاعب من عالم آخر. كما أن فريحة ممتاز أيضا، ويلقب بالرأس الذهبية. ولم أنس بلكدروسي أيضا، فالمناصرون كانوا يتنقلون إلى الملعب، لا لرؤية بلكدروسي يسجّل، لأن تسجيله للأهداف كان مفروغا منه، إنما لرؤية كيف يسجّل بلكدروسي الأهداف''. واستعاد في عجالة بعض الأسماء العالقة في ذهنه، مثل احميدة تاسفاوت ورضوان فمري، الذي قال عنه ''فمري فنّان كبير، وكنت أريد ربط الاتصال معه، وما يحز في نفسي بأن كل هؤلاء رحبوا بي في وهران. وأريد بعد كل هذه السنوات أن أرد لهم الجميل، لكنني لم أعد إلى الجزائر منذ 1979، وكانت لي فرصة واحدة للتواجد في مطار الدارالبيضاء في الجزائر العاصمة (يقصد مطار هواري بومدين الدولي)، ووجدت صعوبات بسبب التأشيرة، وكانت الجزائر محطة عبور إلى فرنسا، ومن حسن حظي أن صديقا قديما من عهد المعهد بوهران، احتفظت برقم هاتفه، ووجدته عقيدا، فساعدني على الخروج وفق القانون وقضيت ليلة بفندق ''الماركير''، ثم تنقلت في اليوم الموالي إلى فرنسا دون أن أرى أحدا''. لقبوني مع زرابي ب''الكحلة'' مع ''الكحلة'' خلال المباراة وتحدث هاروني عن طرائف جميلة في الملاعب الجزائرية، وتحدث عن قوة وفاق سطيف و''الجات''، أي شبيبة القبائل، وشباب بلوزداد واتحاد الحراش ومولودية الجزائر، ''مع نجوم مثل باشي وبتروني ودراوي وبن شيخ وكثيرا من النجوم''، مضيفا ''سجلت هدفا جميلا أمام نصر حسين داي، فقد راوغت ثلاثة لاعبين.. واحد، زوج ثلاثة (يضحك)، ثم المدافع زرابي، وعادت الكرة إلي من جديد، وحينها ردّد الأنصار ''الكحلة مع الكحلة''، في إشارة إلى أن الصراع بيني وبين زرابي، لأن بشرتنا سوداء، واقتصر الصراع بيننا في تلك اللقطة. إنها أيام جميلة''، ليضيف، بعد سؤال عن شبهه مع النجم البرازيلي بيلي، ''نعم قالوا لي كثيرا بأنني أشبه بيلي''. وقال محدثنا بأن بن شيخ مراوغ بارع ''إنه فنّان، فهو يداعب الكرة، ويراوغ بطريقة سحرية، إنه يختلف مثلا عن دراوي''، مضيفا ''أعرف مصطفى كويسي من شباب بلكور (بلوزداد)، وجمال كدو من اتحاد الجزائر، وبلغني أن كدو فارق الحياة مثل هدفي''. مضيفا أيضا ''كان لدي أصدقاء من الحراش، وحين سجلت عليهم في إحدى المباريات، سمعت مدربهم، ما بين الشوطين، يقول للاّعبين.. هذا صديقكم الذين تتحدثون عنه، لقد سجل عليكم وقهركم''. مالي قريبة مني.. لكنني سأناصر الجزائر وحين سمع دارمي بتواجد عبد الحفيظ تاسفاوت مع الوفد الجزائري، قال بأنه سيعمل على ملاقاته ''إنه الشقيق الأصغر للاّعب احميدة تاسفاوت''، مضيفا ''الجزائر كانت تملك جيلا مميزا وفنانا في السبعينيات، وإذا كان الجيل الحالي ينتمي إلى السبعينيات فلا يمكن لأي لاعب أن يكون في المنتخب، أو في أي فريق''. وقال هارونا دارمي، الذي يتولى رئاسة جمعية قدامى اللاّعبين الدوليين البوركينابيين ''الوقت يمر بسرعة، فحين كنت ألعب كان محمود فندوز في سن ال12، وتفاجأت في نهائيات كاس أمم 1984 في كوت ديفوار، حين وجدته قائدا للمنتخب''، ليواصل قوله، بنوع من ''السوسبانس''، حول مباراة مالي والجزائر ''هنا سأكون صريحا، فمالي قريبة مني، وتربطني بها علاقات قرابة لذلك.. لا سأشجع الجزائر هذا أكيد، وسأكون في الملعب يوم المباراة، فقد سبق لي متابعة مباريات المنتخب الجزائري في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2004 بتونس، وتأثرت لإقصاء الجزائر أمام المغرب في ربع النهائي بتلك الطريقة''، مضيفا ''وأتمنى أن تتاح لي فرصة التواجد في الجزائر، والالتقاء بكل الأصدقاء، حتى أشكرهم وأرد جميلهم، وأستعيد الذكريات مع وهران.''