أعلنت الجزائر عن قرب استقبالها لعدد من وزراء الخارجية لدول الساحل، استمرارا في مشاورات حول الوضع في مالي. ويبدو أن دولا تحمست في وقت سابق لفكرة التدخل العسكري في شمال مالي، عادت عن قناعتها لصالح الطرح السياسي إثر رفض مجلس الأمن لمذكرتين متتاليتين من الأفارقة تدعوانه لتبني الحل العسكري. استقبل وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي، أول أمس، أمارة ايسي المبعوث الخاص لرئيس جمهورية كوت ديفوار، الذي حل بالجزائر في خصوص ملف مالي. وترأس كوت ديفوار مجموعة غرب إفريقيا، التي حملت مشروع التدخل العسكري في شمال مالي، إلى مجلس الأمن عبر الاتحاد الإفريقي، على مرتين، ورفضت المجموعة في الأيام السابقة تبليغ السلطات الجزائرية بفحوى قراراتها، وحاولت التنسيق مع الحكومة الفرنسية لتبني المشروع، لكن طبيعة التحفظات التي تبناها مجلس الأمن، جاءت قريبة من التحفظات التي ترافع لها الجزائر، ما دفع بدول إفريقية لإعادة بحث الحلول عن طريق الجزائر. ودعمت الخارجية الفرنسية مسعى المذكرة الإفريقية المرفوضة في مجلس الأمن، وأوضح الناطق الرسمي للوزارة الفرنسية، برنار فاليرو، قائلا ''نعتقد بأن الأمور ستتجه سريعا نحو موافقة مجلس الأمن على القيام بعملية عسكرية مشتركة بين الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا''. كما أشار الناطق الرسمي إلى أنه ''بعد مرحلة من التردد (المذكرة الأولى) فإن الأمور قد بدأت تتطور بسرعة''. وقد أعلن الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الإفريقية والمغاربية، عبد القادر مساهل، أول أمس، أن الجزائر ستستقبل بعد أسابيع عدة وزراء من دول المنطقة قائلا ''لدينا كما تعلمون آلية أمنية مشتركة في إطار دول الميدان (الجزائر، موريتانيا، النيجر ومالي)، مكلفة بتقدير حجم المخاطر بالساحل''. كما أن حلول وفد عن ''أنصار الدين'' -إحدى أهم الحلقات في الشأن المالي- بالجزائر، يصرف عدة معطيات تشجع التدخل العسكري، وتفيد مصادر رفيعة، أن خطة الجزائر تعتمد فصل العنصر ''التارفي'' عن معطيات الصراع، وهذا العنصر يمثله على أرض الواقع، كل من ''حركة تحرير أزواد'' وحركة ''أنصار الدين'' السلفية المرجع، في حين يتشكل معطى العزل، في تنظيمي ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي''، و''حركة الجهاد والتوحيد'' التي تحتجز قنصل الجزائر في غاو وستة من مساعديه منذ أسابيع. وتصطدم ''الأجندة'' الجزائرية، بتواجد سبعة من دبلوماسييها، بين أيدي ''الجهاد والتوحيد''، وهو تنظيم سلفي جهادي تأسس نهاية العام الماضي وينشط عبر محور غاو وتمبكتو باتجاه العمق الموريتاني. وقد انحازت كوت ديفوار وباقي دول غرب إفريقيا داخل المجموعة المسماة ''إيكواس'' للتدخل العسكري، من خلال قوة إفريقية روجت أن قوامها ثلاثة آلاف رجل، لكن تحفظات مجلس الأمن أعادت خارطة الطريق الإفريقية إلى نقطة البداية، وجعلت مجموعة الميدان تتلقف تلميحات بضرورة المرور عبر الجزائر التي تمسك بكثير من الأوراق كدولة جوار وأيضا كوسيط سابق في جولات التفاوض بين الحكومة المالية وحركات التمرد التارفي التي ظهرت في المنطقة منذ بداية التسعينيات.