ما دام بيت المقدس عند الأعداء فنحن متّهمون بالخيانة أمام الله يوم القيامة، إلاّ إذا بذلنا النّفس والنّفيس في تحريره.. فلنقم حارساً على حصون مقدساتنا وعقيدتنا، وحارساً على عقولنا وقلوبنا، وما الحارس إلاّ المنهج الإسلامي الحنيف، منهج العقيدة الصّحيحة، ومنهج شريعة الله ورسوله، ومنهج الخُلق الكريم.. ولننهض جميعاً ملبين نداء الله، نداء المستضعفين في الأرض، نداء القدس الشّريف، ملبين تلبية السّلف الصّالح الّذين كانوا إذا رُؤوا ذُكِر الله لرؤيتهم، والّذين كانوا يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم، كانوا أذِلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين، أولئك الّذين يُحبّهم الله {والّذين آمنوا أشَدُّ حُبًّا لله}. فشهر رجب أحق أن يحترم، وقد كانت الجاهلية تعظّمه. فهو شهر الله كما جاء في الحديث الشّريف. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمّتي''. شهر أصم لا يشهد عند الله إلاّ بالخير على الأمّة المحمدية، لا يسمع شرًّا ولا كفرًا ولا عصيانًا، فهو شهر تُصَبّ فيه رحمة الله على عباده صبًّا، فهو الأصب إذًا لمَن كان له قلب سليم يغزو، أو يحدث نفسه بالغزو.. فهو شهر شُرع صومه نفلاً على العموم والخصوص. فهو شهر سِلم وسلام، ولكن ما لم يُعتد علينا. كيف يكون رجبنا شهر سِلم والصّهاينة والملاحدة والكفرة في ديارنا، كيف نجليهم عن وطننا وقد رضينا بهم أمناء على أسرارنا؟؟ فليكن رجبنا شهر انتفاضة ضدّ كلّ غزو داخلي أو خارجي. فمِن أبناء الإسلام الحنيف مَن يريدون هدم لغته العربية ومحوها من سجل الحضارات الغابرة، وذلك باسم تطوير لهجة محلية.. فإذا كانت اللّهجة وسيلة لفهم العقيدة والشّريعة الإسلامية فمرحبًا بها، وأمّا إذا كانت لتحل محل لغة القرآن فلا ثم لا وألف لا. ومن أبنائه مَن يرمونه بالتخلّف ويقترحون الشيوعية باسم العدالة الاجتماعية... ألَم ينظروا إلى حال الأممالغربية كيف تتحزّب وتتربّص بالإسلام الدوائر؟ فالأمّة الشيوعية تفتح بابها للرأسمالية، وهذه تفتح ذراعيها للشيوعية، فكلاهما عدو واحد للإسلام، كتمساح باسط ذراعيه ورجليه على الأرض... ألَم يَأْنِ للأمّة الإسلامية أن تستيقظ من سُباتها وتبايع إمامها؟ لأن بذلك تتحقّق وحدتها، وتدعو من سواها إلى الخُلق الكريم ومنهاج ربّ العالمين. إنّ هذا الدِّين يغلب دائمًا عندما يصل الوعي بحقيقته، وحقيقة الجاهلية، إلى درجة معيّنة في نفوس العُصبة المؤمنة في أيّ زمان ومكان.. والخطر الحقيقي على هذا الدِّين ليس كامنًا في أن يكون له أعداء أقوياء وأعوان مدرّبون، بقدر ما يكمن في أن يكون له أصدقاء سُذج مخدوعون، يقبلون أن يتترس أعداؤهم بلافتة خادعة من الإسلام، بينما هم يرمون الإسلام من وراء هذه اللافتة الخادعة.