قال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، إنه قدِم للجزائر ''لإعطاء نفس جديد للشراكة بين الجزائر وفرنسا''، ونصح بخصوص موقف الحكومة الجديد من ملف الذاكرة ''اقرأوا المصطلحات التي استعملها الرئيس بوتفليقة وهولاند لما تبادلا الرسائل في عيدي البلدين''. ذكر لوران فابيوس، أمس، في ختام زيارة أداها للجزائر، التقى فيها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ومسؤولين جزائريين، أنه ''لمس وجود روح جديدة لدى أصدقائنا الجزائريين لعمل الكثير ثنائيا في إطار الموضوعية والصداقة والجوار''. وسئل فابيوس في ندوة صحفية عقدها بإقامة السفير الفرنسي في العاصمة، إن كانت باريس مستعدة ل''الاعتراف'' بجرائم الاستعمار؟ فقال ''لقد رأيتم الرسالة التي بعث بها الرئيس هولاند للرئيس بوتفليقة في خمسينية الاستقلال ورسالة بوتفليقة لهولاند في العيد الوطني الفرنسي.. اقرأوا المصطلحات المستعملة''. وقال إن بلاده لديها إرادة ''في معالجة الماضي بكل موضوعية وبتبصر دون إخفاء أي شيء.. كانت لنا محن قاسية وماض مشترك وحاضر يقربنا اليوم ومستقبل يجب أن نشيده معا''. وتحدث لوران فابيوس، في سياق متصل، عن أجندة عمل مقيدة بفترة زمنية (إلى غاية أكتوبر) للانتهاء من عدة ملفات تسبق زيارة مرتقبة للرئيس فرنسوا هولاند لتوقيع خطة تمتد ل2016 حول مجالات التعاون، وتتعلق الملفات بشق اقتصادي وقنصلي والتعليم العالي، وذكر مؤسسة لافارج الفرنسية، كما تحدث عن مشروع ''رونو'' لصناعة السيارات في الجزائر، ويبدو أن الحكومة الاشتراكية في باريس لم تفصل بعد في المشروع فقال ''هناك بروتوكول اتفاق وقع في ماي الماضي، لكننا حريصون على بحث مدى استجابة المشروع لمنطق رابح رابح''. وتابع ''نسعد بوجود استثمارات فرنسية في الخارج، لكن شريطة أن تكون في مصلحة البلد المضيف، وأيضا لا تكون ضد المصلحة الاقتصادية لفرنسا''، وأعطى فابيوس انطباعا بأن باريس لم تقرر نهائيا قائلا ''نحن في شهر جويلية، وسيكون لنا الوقت لدراسة الملف بشكل دقيق قبل زيارة الرئيس هولاند للجزائر''. وبخصوص حرية تنقل الأشخاص بين البلدين، فضل فابيوس الدفاع عن الجانب الفرنسي في تنقله للجزائر قائلا ''هناك أمور سنحسنها بالنسبة لتنقل الجزائريين، لكن أيضا هناك صعوبات في وجه الفرنسيين الذين يودون زيارة الجزائر، وصعوبات إدارية أيضا''، كما كشف عن زيارة قريبة لوزير الداخلية مانويل فالس لبحث ''صعوبات يعاني منها الطلبة الجزائريون في فرنسا''، وأيضا ''إنشاء مدارس فرنسية في كل من عنابة ووهران وربما ثالثة'' لم يذكرها لكن تسريبات قالت إنها في تيزي وزو. وكشف الوزير الفرنسي عن تصديق مجلس الوزراء الفرنسي الأسبوع الماضي، على اتفاق تعاون في مجال الدفاع مع الجزائر وقع في 2008، كما كشف عن تعاون مرتقب في مجال الأرشيف وتحديد مواقع التجارب النووية الفرنسية في الجزائر. أما في ملف الصحراء الغربية فكانت إجابة فابيوس من شقين متلازمين، الأول قال فيه ''ندعم الشرعية الدولية وجهود المبعوث الأممي''، والثاني ''نشجع كل ما يقرب بين الجزائر والمغرب لأنه في مصلحة الجميع''. وأوضح وزير الخارجية، مراد مدلسي، في وقت سابق خلال ندوة صحفية مشتركة عقدها ليلا أول أمس، مع فابيوس، بخصوص الذاكرة ''قضية حاضرة ليس في أذهان المسؤولين فحسب، بل وأيضا في أذهان المواطنين لا يمكن نسيانها''، وقال ''نود اليوم أن نؤمن بأن ثمة روح أخذت تتبلور وستسمح لنا بمعالجة مسألة الذاكرة بطريقة أكثر ذكاء''، مؤكدا أنه لا يمكن لأحد أن يقرر ''نسيان'' هذه الذاكرة. كما كشف مدلسي أن محادثات مع نظيره الفرنسي، شملت علاقات الجزائر بالمغرب وملف الحدود البرية المغلقة بين البلدين، لكن فابيوس نفى أن تكون باريس تجتهد في تأدية وساطة ''تطبيع'' وقال ''لا نفرض شيئا على بلدين صديقين لفرنسا لكن إن طلب منا ذلك فلن نتخلف عنه''، وسئل الوزيران إن كانت باريس تشتغل على تأدية وساطة ب''تطبيع العلاقات''، فأجاب فابيوس ''فرنسا جد مرتاحة لكل ما من شأنه تلطيف العلاقات بين الجزائر والمغرب''. وقال مدلسي إن النزاع الصحراوي ليس سببا معطلا للوحدة المغاربية ''لأنه لما تأسس اتحاد المغرب العربي كانت هذه القضية موجودة ولم تمنع تشكيل الاتحاد''، مضيفا ''كانت هناك مشاكل عطلت نوعا ما الوحدة، أولها اقتصادية فالمغرب وتونس بدأتا مبكرا الاقتصاد الحر، ونحن كنا في اقتصاد شبه اشتراكي، كما أن حادثة مراكش أدت لاتخاذ قرارات زادت من التعطيل''، وقصد اتهام المغرب للجزائر بتدبير حادثة هجوم على فندق في مراكش عام 1994، ما حذا بالمغرب فرض تأشيرة على الجزائريين، وردت الجزائر بمثلها مع غلق الحدود البرية.