قررت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف اعتماد الصرامة مع شاغلي ثمانية آلاف ملك وقفي بالوطن، في ضوء رفض السواد الأعظم من هؤلاء التعديلات التي تم فرضها مؤخرا لرفع بدل الإيجار، حيث سيتم توجيه إعذارات للمعنيين على أن يتم فتح خصومات قضائية ضد المتمردين منهم في حال استمرار الرفض الجماعي للرضوخ لرزنامة الأسعار الجديدة. وتؤكد الإحصائيات الرسمية الأخيرة الموجودة لدى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وجود حظيرة عقارية وقفية مُكونة من زهاء ثمانية آلاف ملك وقفي على المستوى الوطني، تتنوع ما بين أراضي فلاحية محلات تجارية، عقارات، سكنات، مقاهي ومرشات، غير أنه رغم هذا الكم الهائل من الأملاك الواقع جزء منها في مواقع إستراتيجية، إلا أن العائدات السنوية التي تنجر عن استغلالها ضعيفة جدا مقارنة بقيمتها الحقيقية التي تقدر بأضعاف أضعاف الحصيلة السنوية، وذلك بسبب استمرار استغلال هذه الممتلكات الحبوس مقابل بدل إيجار رمزي، لدرجة أن هناك محلات تجارية تقع في قلب العاصمة لا تزال مؤجرة بمبالغ زهيدة جدا تصل إلى حدود 200 دينار. وأمام هذا الوضع، أوضح أمس السيد عدة فلاحي، المستشار الإعلامي للوزارة، بأن هذه الأخيرة ''قررت عدم السكوت عن الاستنزاف الحاصل في الحظيرة الوقفية الوطنية من خلال مراجعة استهدفت بدل الإيجار عن طريق الاعتماد على أسعار الإيجار التي تطبقها دواوين الترقية والتسيير العقاري، وتم إخطار المستفيدين بذلك، غير أن جانبا كبيرا منهم يرفضون الالتزام بالأسعار الجديدة، الأمر الذي سيضطرنا إلى اعتماد أسلوب الصرامة معهم، باعتبار أن الجهات الوصية آثرت التزام التدرج في التعامل مع شاغلي الوقف من خلال تحسيسهم وتوعيتهم بضرورة الرضوخ للأسعار المُعدلة، غير أنه في حال استمرار الرفض سيتم طرق أبواب العدالة لإرغام المتمردين بالرزنامة المضبوطة التي لا رجعة فيها''. والغريب في الأمر، حسب ذات المتحدث، أنه ''رغم رمزية الأسعار المطبقة، إلا أن نسبة تسديد هذه المستحقات من قبل المستفيدين ضئيلة جدا، وهو الأمر الذي استنكره وزير القطاع الذي شدد في اجتماعه الأخير على ضرورة الإسراع في إيجاد آلية لتسوية الديون ومخلفات الكراء العالقة في أقرب وقت''، مضيفا بالقول: ''زيادة على ذلك هناك استنزاف للأملاك الوقفية من خلال حالة الاهتراء الكبيرة التي آلت إليها العديد من الحظائر الوقفية بالنظر إلى عدم صيانتها من قبل شاغليها''، نافيا في هذا السياق، أي تدابير تخص مشروعا مركزيا لتهيئة هذه الممتلكات، من منطلق أن هذا الأمر يقع على مستغليها. في حين أن تدخل الوزارة يمكن أن يشمل في المستقبل الأعمال الخارجية الخاصة بالتهيئة. وفي ذات الاتجاه، كشف فلاحي عن اكتشافات جديدة لأملاك وقفية مختلفة في مناطق متعددة بالنظر إلى التحفيزات المادية التي سخرتها الوصاية لوكلاء الوقف، مضيفا بأن هناك 70 ملفا موجودا قيد النظر على مستوى العدالة، بينما تم مؤخرا تسوية 200 ملف آخر بصفة نهائية، فازت فيه الوزارة ببعض الدعاوى وخسرت أخرى.