لا تزال مقهى السوماتي الواقعة بقلب مدينة القليعة في تيبازة، شاهدة على أصالة قدماء المنطقة، ومحافظة على طابعها المعبق بنكهة الماضي الجميل، فالقائمون عليها متمسكون بالطريقة التقليدية لتحضير الشاي. اكتسبت قهوة ''السوماتي'' شهرتها بحكم خصوصيتها وصمودها أمام رياح العصرنة، وصارت ذاكرة حية وثرية لسكان المدينة ولكبار شيوخ أغنية الشعبي المحليين والعاصميين، ولعشرات الإطارات الذين تخرجوا من مدرسة أشبال الثورة بالقليعة. بعد مرور 50 سنة من افتتاحها من طرف المرحوم الحاج السوماتي تبقى صامدة وبسيطة، فهي عبارة عن قاعة قديمة بنيت مطلع القرن العشرين، تتميز بكراسيها الخشبية القديمة وبطاولاتها المشكّلة من الفولاذ المزخرف وتكسوها طبقات من الرخام المنحوت قبل عشرات السنين، وهي مصفوفة بانتظام، آخذة بذلك الطابع التقليدي المتوارث عن طراز سنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي، كما لا تزال تحتفظ بالفرن التقليدي المتقد بالفحم، أين يحضر الشاي الممزوج بالنعناع الجاف الذي يحضر محليا لدى بعض العائلات المعروفة، كما أن الأباريق النحاسية حاضرة لتعطي نكهة أصيلة تلزم الزائرين بالعودة إليها وتذوّق ما تقدّمه من شاي وقطايف وبقلاوة. يقول السيد رباحي إبراهيم النجل الأكبر للمرحوم الحاج السوماتي ل''الخبر''، أن المقهى كان الوجهة المفضلة لكبار مشايخ أغنية الشعبي. فالحاج محمد العنقى كان يتردد عليها باستمرار خلال شهر رمضان وباقي أيام السنة، كما كانت نقطة التقاء الشيخ الهاشمي قروابي، والفنان رويشد الذي قام بتصوير لقطات من فيلم بذات المقهى، ولا يزال الفنان عبد القادر شاعو وكمال بورديب يزورانها بانتظام، فيما يصر الشيخ عمر الزاهي على ارتشاف شاي السوماتي حينما يحيي حفل زفاف بالمنطقة. ويتذكر محدثنا السهرات الفنية ''قصرات شعبي'' التي كان يحييها الفنان بورحلة والهاشمي قروابي والحاج مريزق، كل ليلة من رمضان، كما كانت ولا تزال الحصائر تفرش للمسنين وبعض أعيان المدينة أين يلتف حولهم الآخرون للتحدث حول الشأن المحلي، ويضيف إبراهيم أن الكثير من الإطارات السامية يصرون على زيارة المقهى أين يتذكرون طفولتهم وليالي رمضان بمدرسة أشبال الثورة التي تقع على مسافة قريبة منه.