يفوق عدد المساجد بولاية تيزي وزو 860 مسجد، تتوزّع على قرى ومداشر الولاية. وبعيدًا عن انتظار إعانات السلطات العمومية، يقوم المواطنون بتشييد هذه المساجد بأموالهم الخاصة. المتجوّل عبر قرى ولاية تيزي وزو يلاحظ صومعة أو قبّة في كلّ قرية، دلالة على وجود مسجد. فالمواطنون لا يقبلون أن تستثنى قريتهم دون أن تملك مسجدًا، حيث عادة ما تكون المبادرة من مجموعة صغيرة من المواطنين، لكن سرعان ما يتبنّاها الكلّ بمن فيهم غير المواظبين على الصّلاة. وتكون البداية غالبًا بعقد جمعية عامة لسكان القرية، يتم فيها طرح فكرة ضرورة بناء مسجد وهي الفكرة التي لا يسمَح لأيٍّ كان بأن يعارضها نظرًا لقداسة هذه المساجد لدى المواطنين وفي أغلب الأحيان يقوم مواطنون بالتبرع بقطعة أرضية لتشييد المسجد. ورغم صعوبة مبدأ التّنازل عن الأرض بالمنطقة، إلاّ أنّ بناء المساجد يعتبر الاستثناء الذي يتم فيه التبرع بالعقار. ولا توجد مشاريع بالمنطقة تستقطب تضامنًا مثل ذلك التضامن الذي يستقطبه بناء أماكن العبادة، حيث يتم التبرع إمّا بمواد البناء أو بالأموال، وفي كثير من مراحل البناء تتم الأشغال من طرف السكان دون مقابل وذلك بتنظيم حملات تطوعية، ولا يتوانى السكان في طلب المساعدة من المحسنين ولو خارج القرية. وتقول مصادر مطلعة إن ولاية تيزي وزو تُعَدّ الولاية الوحيدة التي تتوفّر على هذا العدد الهائل من المساجد، كما تعدّ الوحيدة التي يقوم سكانها ببناء المساجد ومنشآتها المرافقة بما في ذلك السكن الوظيفي للإمام. ويصدح الأذان في هذه المساجد كلّها وتُقام فيها الصّلاة، ورغم نقص عدد الأئمة إلاّ أنّ الصّلاة لا تنقطع، سواء بأئمة متعاونين مكلّفين من طرف مديرية الشؤون الدينية والأوقاف أو بتطوّع مواطنين من القرية نفسها لرفع الأذان وإمامة المصلّين. ولا يزال المسجد بقُرى ولاية تيزي وزو إلى اليوم يُحافظ على دوره الاجتماعي ويُعدّ مكانًا يتم فيه حلّ القضايا الخلافية المستعصية بين المواطنين، ويتم اختيار المسجد لذلك حسب كبار السن، لكونه مكانًا لا يحق فيه لأحد أن يرفع صوته أو يعارض قرار الجماعة، كما أنّه مكان مفضّل لدى كثير من النّاس لعقد القران بين الأزواج الجدد. وفي شهر رمضان من كلّ سنة، يتم الاستعداد لصلاة التّراويح في كلّ المساجد وفي كلّ القرى، إذ تتم الاستعانة بالزوايا لتأطير المساجد في هذا الشّهر بحفظة القرآن، ويتم اختيار الطلبة المؤهّلين لذلك يوزعون عبر المساجد إمّا لإمامة النّاس في المساجد التي لا تتوفّر على أئمة أو لمساعدة أئمة المساجد في هذا الشهر الفضيل.