الجزائر التي تثير استغراب دول عربية عديدة بسبب مواقفها ''الغامضة'' من حراك الربيع العربي، بإمكانها أن تزيل هذا الاستغراب وتساعد حتى في إزالة حالة الخوف لدى الغرب من صعود تيارات متشددة شوهت مسار ثورات الربيع، كما جرى في بنغازي الليبية التي أعلن تنظيم القاعدة تبنيه لعملية قتل السفير الأمريكي. فلدى الجزائر التي تحارب ظاهرة الإرهاب منذ عقدين من الزمن، ''بنك'' معلومات ثري بأسماء وتحركات التنظيمات الجهادية في الجزائر ودول الجوار، ولدى الجزائر أيضا معلومات قوية عن شبكات تجنيد الانتحاريين في الشرق الأوسط، خصوصا في العراق. اليوم، ورغم أن هناك تحفظات من عدة جهات على دور الممثل الأممي الجزائري الأخضر الإبراهيمي في سوريا، بسبب قبول نظام الأسد به كوسيط، ومخاوف المعارضة من أن تكون مواقف الإبراهيمي ترجمة لمواقف الجزائر الرسمية التي تعارض التدخل في شؤون الدول، وليس ترجمة لمواقف المجتمع الدولي.. رغم هذا التحفظ على الدور الجزائري دبلوماسيا، بإمكان الجزائر على الصعيد الأمني أن تساهم في تقديم معلومات عن خلايا تجنيد الجهاديين على محور العراق-سوريا، بشكل يحفظ الثورة السورية من تشويه صورتها دوليا، وإلصاق تهمة الإرهاب بالجيش السوري الحر. ومن المعروف أن خط سوريا-العراق، كان نشيطا جدا إبان احتلال العراق عام 3002، وقامت الجزائر وقتها بتتبع حركة تجنيد الانتحاريين الجزائريين في صفوف المقاتلين في العراق، وكانت منطقة العبور هي سوريا. أما بالنسبة لشمال إفريقيا، فللجزائر معلومات دقيقة جدا عن خلايا تجنيد المتشددين والانتحاريين، سواء كانوا جزائريين أو من دول الجوار، في ليبيا ومالي والنيجر وموريتانيا وتونس أيضا. وفي هذا المستوى، عندما تبرز مخاوف الدول الغربية، وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، من تسليم الحكم في دول ثورات الربيع العربي لتيارات متشددة، تكون المعونة الجزائرية مفيدة بشكل فعال لمعرفة شبكة الجهاديين والانتحاريين في دول مثل ليبيا وتونس، اللتين تواجهان منذ مدة موجة تشدد، تقودها تيارات عنيفة لا تعترف بالحكم المدني للدول. وقبل أيام مثلا، أحبطت الجزائر اجتماعا كان يفترض أن يجمع قيادات في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، يضم جهاديين من الجزائر وليبيا وتونس ومنطقة الساحل الإفريقي، وكان مخططا أن يتم إنشاء هيئة جديدة موسعة للعمل المسلح في إفريقيا ينضم إليه جهاديو دول الربيع العربي، وانتهت العملية بتوقيف القاضي الشرعي في قاعدة شمال إفريقيا، أبو عبد الرحمن ''السوفي''. ولأهمية هذا الاجتماع، وبسبب توقيف ''السوفي''، انتقمت القاعدة في شمال مالي بإعدام الدبلوماسي الجزائري طاهر تواتي.