كان للراحل الشاذلي بن جديد طقوس يحافظ عليها عندما يزور مسقط رأسه، إذ كان يحب أكل الترفاس ويتردد في زياراته الخاصة على المواقع الطبيعية الخلابة. ''الخبر'' التقت بعضا ممن عايشوا الراحل خلال تلك الزيارات بمناسبة العزاء الشعبي الذي أقيم له بمقر العائلة بقرية السبعة وعادت ببعض الذكريات. من بين ما رواه بعض هؤلاء أن الراحل كان كل سنة يطلب من أحد أقاربه بال ''سبعة'' أن يرسل له 5 كلغ من الترفاس الرملي، وهو من فصيلة البطاطا، لكنه بلون أحمر يختلف في اللون عن ترفاس المناطق الصحراوية. وهذه النوعية من الخضروات التي تظهر تحت الرمال مع عريشة خضراء على السطح، تكون طازجة فصليا بين شهر فيفري الى نهاية شهر أفريل وسط سلسلة الكثبان الرملية بمنطقة الريغية بمسافة لا تزيد عن 6 كلم شرق قرية السبعة مسقط رأس الراحل. وكانت تجمع الكمية المطلوبة من الترفاس سنويا وترسل إليه، حيث كان يفضّل أكلها مشوية أو في طبق الجلبانة مع الترفاس. كما كان الصيد هوايته المفضلة حسب ما شهد به بعض رفقاء الرجل، حيث كان يتردد على بحيرات القالة التي يقصدها في زيارات خاصة لهذا الغرض، وكانت السلطات المحلية تحضر له كل الإمكانيات ووسائل الصيد البرمائية. ومن طرائف ما تداوله الحضور، أن والي الطارف السابق محمد الأندلسي، تلقى آنذاك إشعارا بأن الرئيس سيحل بالطارف رفقة الراحل رابح بيطاط في نزهة صيد ببحيرة طونفة بالقالة، فسارع باستيراد نوعية من البط والإوز من إيطاليا وأطلقها في نفس البحيرة وهي الطيور الأليفة التي ترعى وسط الحشائش المائية بحاشية المحيط المائي للبحيرة، واستغرب الرئيس من طقوس هذا النوع من البط والإوز الذي لا يهرب من الإنسان. وحينما عرف أن تلك الطيور المائية تم جلبها من حظائر إيطاليا، تركها وركب زورقا خشبيا غاص به في عمق وأدغال البحيرة بحثا عن مبتغاه من الطيور الأخرى، تاركا الطيور المستوردة غنيمة لسكان المنطقة كونها سهلة الصيد بسنارة الأسماك. وفي ذات السياق، استشهد بعض الحضور أنه خلال أحد نزهاته الصيدية بذات البحيرة، تقدّم رئيس الحظيرة الوطنية بالقالة سابقا رفيق بابا أحمد من الرئيس الراحل، وخاطبه مذكرا بأن قوانين الجمهورية الجزائرية تمنع الصيد في هذه البحيرات المحمية، فاستأذنه الرئيس بكل تواضع لمدة ساعة لا أكثر لمارسة هوايته. ومن بين ما كان يحرص عليه بن جديد خلال زياراته لمسقط رأسه، هو التردد على ابتدائية مبارك الميلي في الذرعان وابتدائية هواري بومدين بشيحاني بشير، أين قضى سنوات من تعليمه الابتدائي بكل من ''بارال وماندوفي سابقا''. كما لم يكن الشاذلي يستثن زيارة مزرعة رقوش أحمد ''جون جوزاف سابقا'' وكلها معاقل ومحطات راسخة في ذهنية الرجل الذي كان أيضا يخصص بعضا من وقته لتفقد رفقائه المجاهدين، بينما الكثير من الإنتهازيين كانوا يترقبون مثل هذه الزيارات لتعقّب خطاه في محاولات للبحث عن امتيازات. ومن بين هؤلاء حسب الشهادات من طلبوا منه التدخل لحصولهم على شهادة الاعتراف بعضوية جيش التحرير الوطني، ليوجّههم بتواضعه إلى الجهات المختصة بذلك، حيث رد على إصرار بعضهم بتدخله ووساطته ''وزراة المجاهدين ليس في جيبي أو بصندوق سيارتي''. حادثة أخرى طريفة من نوعها عشناها بعين المكان عندما دخل الشاذلي الى شباك الحالة المدنية لبلدية الذرعان وكان عون الشباك مطأطئ الرأس منهمكا في عمله، وعندما رفع رأسه وجد الشاذلي أمامه فصاح بعفوية مناديا زملاءه بالمصلحة ''إنها نشرة الثامنة أمامي'' وقتها قهقه المرحوم ضحكا وداعب العون بلطافة وسط حضور حاشد من سكان المدينة.