يوشك مشروع إنجاز المقر الجديد للخطوط الجوية الجزائرية أن يجرّ الجزائر، مجدّدا، إلى التحكيم الدولي، كون الشركة الكندية الفائزة بالصفقة البالغ قيمتها أكثر من 2 ,8 مليار دينار (أكثر من 80 مليون أورو)، تواجه عراقيل إدارية خنقتها ماليا، في وقت يعرف المشروع تأخرا في الإنجاز جرّاء تغيير مخطط الهندسة المعمارية، ما سيزيد حتما في تكلفته، في ظل خلاف مع مسيّري الشركة الجزائرية. يواجه مشروع إنجاز المقر الجديد للخطوط الجوية الجزائرية بحي الأعمال في باب الزوّار، مشاكل إدارية كبيرة، خنقت المؤسسة الكندية ''أس أم إي'' المكلفة بالأشغال بعد فوزها بالصفقة مقابل 2 ,8 مليار دينار، وهي شركة شرعت في مراسلة رئاسة الجمهورية ووزارة النقل، وأعلمت السفارة الكندية بالعراقيل التي يواجهها المشروع المقرّر إنجازه في مدة 23 شهرا، أي يجب تسليمه جاهزا قبل جوان .2013 وفازت الشركة ''أس أم إي'' بالمشروع في عهد الرئيس المدير العام السابق للجوية الجزائرية، وحيد بوعبد الله، في شهر جويلية 2010 تبعا لمناقصة دولية تقدمت الشركة الكندية المذكورة هي وشركة إسبانية ''أو أش أل'' المنافسة في الصفقة بعرضين ماليين، فكان المشروع من نصيب الكنديين. غير أن الشركة الكندية التي تلقت الإذن ببداية الأشغال في جوان 2011 لم تتحصل على مستحقاتها، المتمثلة في تسبيقات مالية نظير تقدّم الأشغال، على أن يتم اقتطاعها لاحقا من المبلغ الإجمالي للصفقة، وهو أمر متفق عليه في عقد الصفقة وملاحقه. وحسب مراسلات مسؤولي المؤسسة وملف القضية، فإن الشركة الكندية تواجه اختناقا ماليا جرّاء توقف الجوية الجزائرية عن منح التسبيقات منذ نوفمبر ,2011 وهو التسبيق الوحيد الذي تحصلت عليه ''أس أم إي'' وقيمته 35 مليون دينار، ما ألزمها بالاعتماد على خزينتها لإحراز التقدّم في الأشغال وتموين المشروع بما يتطلبه من مواد بناء وتجهيزات، علاوة على تسديد مستحقات الشركات المناولة ''هذا الأمر أصبح غير مطاق بالنسبة لشركة لها التزامات بإتمام المشروع في موعده المحدّد في العقد''، حسب ما أشارت إليه الشركة في مراسلاتها المختلفة، بما فيها تلك الموجهة إلى الرئيس المدير العام للجوية الجزائرية، محمد الصالح بولطيف. وفي زيارة قامت بها ''الخبر'' إلى موقع المشروع المقرّر أن يتربع على مساحة تقارب 12 ألف متر مربع ويحتوي على ثلاثة طوابق تحت أرضية علاوة على مبنيين زجاجين، واحد من 9 طوابق وآخر مكون من 7 طوابق، كشف القائمون على الأشغال أنهم تلقوا تعليمات من مديرة المشروع لدى الجوية الجزائرية تعلمهم، شفهيا، بتغيير مخطط الهندسة المعمارية. وأكد مدير المشروع لدى شركة ''أس أم إي''، المهندس جون بول كاسيس ''أن المخطط الجديد المفروض علينا أعاد النظر في بعض جوانب الهندسة المعمارية للمقر''. وأضاف: ''ليس لدينا أي معرفة عن المواقع التي تعبر فيها الكوابل الكهربائية والهاتفية وقنوات الماء، كما أن ما تلقيناه شفهيا يكشف عدم الاكتراث بمقاييس الصحة العمومية والحماية المدنية''. فهذه المعطيات تكشف أن آجال إنجاز المشروع لن تحترم، في حين لم يتبق على انتهائها إلا أقل من 6 أشهر، حسب مصادر من داخل الجوية الجزائرية.ولم يخف نائب رئيس الشركة الكندية المكلف بالمغرب، العربي حبيب مرابط، في مراسلاته أن هناك نيّة لتعطيل المشروع، وشدّد في تصريح ل''الخبر''، على أنه لا يستبعد اللجوء إلى شركة تأمين التي تعاقدت معها ''أس أم إي'' وفي الشركة العمومية الكندية ''أو دي سي'' للحصول على التعويض، مع احتمال التوجه إلى التحكيم الدولي، ما سيجرّ الجزائر إلى سيناريو آخر مشابه لقضايا، من أهمها تعويض أناداركو ومرسك. وفي محاولات ''الخبر'' الحصول على موقف القائمين على المشروع على مستوى الخطوط الجوية الجزائرية، اكتفت المكلفة بالإعلام لدى الشركة، مونيا برتوش، باعتبار أن القضية مفبركة، وأن المسؤول الأول على الشركة، السيد بولطيف، كان مشغولا باجتماع المنظمة العربية للنقل الجوي، في حين أنه سيكون مستعدا لكشف وجهة نظره بعد انتهاء الاجتماع، دون أن تلتزم بتعهدها. كما أن السيدة برتوش أكدت أن مديرة المشروع على مستوى الشركة هي أيضا غير جاهزة للرد.