بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ودّعناك صديقنا وزميلنا شعبان زروق إلى جنة الخلد، وقد كنت فينا بخصالك الحميدة وبعد رؤيتك وصبرك وتحملك لأخطائنا، نِعم المرشد والدال للطريق الصواب في الممارسة الصحفية بكل متاعبها ومطباتها. لا أرثيك في هذه الأسطر القليلة، بل لأسجل فقط تلك الصفات والخصال والأعمال الجليلة التي قدّمتها للإعلام الجزائري، صحفيا، ومسيّرا، ومكوّنا لجيل كامل من الإعلاميين الشباب، طوال مشوارك كرجل إعلام جاد وكفء، وكإنسان يحمل بين جنباته الكثير من القيم والخصال التي قلما وجدت في هذا الزمان الرديء. رافقتك في جزء من هذا المشوار، حينما تبوأت منصب مدير عام لجريدة ''النصر''، في أحلك الظروف التي مرّت بها هذه المؤسسة الإعلامية العمومية الوحيدة على مستوى الشرق حينها، فكنت منقذا لها، وأتيت بحنكتك وبعد نظرتك لتحييها من جديد، وتعيد لدواليبها الحركة الإعلامية التي كادت أن تتعطل. رغم ما واجهته من مصاعب، إلا أنك، وهذه شهادة صحفي كان ضمن طاقم ''النصر'' منذ بداية الثمانينيات، كنت الجامع لشتاتها، رغم قصر المدة التي بقيت فيها على رأسها. وحين استخلفت الزميل زتيلي، أطال الله في عمره، على رأس المكتب الجهوي لجريدة ''الخبر'' بقسنطينة، مارست عملي الصحفي من مكتب باتنة وأنا مرتاح جدا، لا لكوني خبرتك مديرا على رأس النصر فقط، بل لأنني كنت متأكدا أنني سأعمل تحت إشراف صحفي محترف، يدرك جيّدا قيمة الكلمة الصادقة والخبر الموضوعي والعمل الصحفي الجاد الذي يسبق كل اعتبار آخر. وكإنسان يحمل الكثير من القيم النبيلة المتأصلة، لازلت أتذكر تلك الزيارة التي أدّيتها لي وأنا على سرير المستشفى بباتنة بعد العملية الجراحية، حيث كانت، رغم قصرها، سلوى لي وعربون محبة من زميل، مثّل نفسه الكريمة قبل أن يمثل مؤسسة ''الخبر'' في تلك المحنة التي ألمّت بي. كم آلمني وحزّ في نفسي أنني لم أكن بجانبك حينما كنت راقدا في المستشفى، بعد تعثرك قبل أكثر من سنة، لأن الزملاء في المكتب الجهوي لم يعلمونا بالحادثة، وعلمت بعدها أنك طلبت منهم أن يكتموا الحادثة عنا كمراسلين في الولايات، خاصة البعيدة منها، حتى لا تحمّلنا أتعاب التنقل لزيارتك.. تلك من خصالك النبيلة التي رفعت هامتك عاليا بين الزملاء، وهم في النائبات قليل. وأخيرا، وأنا أشارك في حمل رفاتك لنسجيك في لحدك، لمحت نسخة من جريدة ''الخبر'' تسقط من جيب أحد الرفقاء على جثمانك الطاهر، فقلت في قرارة نفسي حتى تلك الصفحات أرادت أن ترافقك إلى مثواك لتكون شاهدة على نبل أخلاقك، وإخلاصك لعملك، ومحبّتك ومساعدتك للمحتاجين، فما كان مني أن رفعت تلك النسخة من على جسدك الطاهر، إيمانا مني بأنك لست في حاجة إلى أوراق تشهد لك عند علاّم الغيوب، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من آتى الله بقلب سليم.. نم قرير العين يا رفيق الدرب، فأنت من السابقين ونحن من اللاحقين، إن شاء العلي القدير. إنا لله وإنا إليه راجعون