مهزلة أخرى تضاف إلى مهازل برلمان العار الجزائري وصحافة المهازل.. فقد حدّثني أحد الصحفيين المطلعين على ما يجري في البرلمان بأن مجموعة من النواب تقوم بتأجير بعض الصحفيين في كتابة التدخلات للنواب في جلسات البرلمان وفي اللجان، وأن هذه الظاهرة أصبحت لافتة للانتباه في المجلس. أجور الصحفيين الكتبة لتدخلات النواب، أعلى بكثير من أجورهم في الصحف التي يكتبون لها.! لأن وضع الصحفيين جد مزرٍ على مستوى الأجور..؟ تصوّروا معي صحفيا شابا في المهنة أجرته في صحيفة تساوي واحدا على 20 من أجرة ''الحفافة'' أو عاملة النظافة التي جعلتها السياسة المسوسة عضو برلمان.. ويقوم هذا الصحفي بكتابة تدخل هذه النائبة أو النائب الجاهل في البرلمان.. ويأخذ عما كتبه للنائب عشرة أضعاف ما يأخذه عما كتبة لجريدته..؟! مشكلة البلاد ليست فقط في كوارث السياسة والأحزاب وما يدور في أفلاكها.. بل الكارثة في سلّم القيم الذي قلبته السياسة رأسا على عقب. الجزائر هي البلد الذي فيه السياسة تجعل من الأمّي زعيما.. وتمكنه من رقاب الناس.. وتجعل من الجامعي شخصا مسحوقا اجتماعيا وماديا. الإصلاح الحقيقي ليس كنس السياسة والسياسيين ما تجنيه على البلد من كوارث.. بل الإصلاح الحقيقي هو كنس كل القيم والممارسات التي سادت وتسود في هذه البلاد بفعل هذا الفساد السياسي الذي هو بالتأكيد رأس كل فساد.! أنا لا أبرر تصرف الزملاء من الصحفيين الشباب الذين سمحوا للنواب الجهلة بأن يستغلوهم بهذه الطريقة المهينة المشينة وكان المفروض فيهم أن يفضحوهم لدى الرأي العام.. لأن هذه هي رسالتهم.. ولكن.. ''العري يعلم لخياطة.. والشر يدفع للسقاطة''.! نعم، كل المهن ابتليت بأمراض فسادية لا أخلاقية لا ينفع معها العلاج.. بدءا من مهنة السياسة.. وانتهاء بمهنة الصحافة.! نعم، يحدث هذا ويحدث أسوأ منه في عالم الصحافة والنيابة والسياسة، فهل الدعوة إلى حل مثل هذا البرلمان الذي يحدث فيه هذا، هي دعوة مغرضة.. ولا تستحق النظر فيها.؟! هل الشعب الجزائري أصبح جاهلا وتافها حتى يختار مثل هؤلاء النواب بكل حرية وديمقراطية. أنا صحفي تعبان.. وأبحث عن عمل عند نائبة ''حفافة'' كي أرتاح مما أنا فيه؟!