رصدت مصالح الأمن المتابعة لنشاط الجماعات المسلحة السلفية في الساحل، انسحاب المئات من مقاتلي القاعدة بمعية عناصر حركة التوحيد والجهاد من المدن الرئيسية في إقليم الأزواد إلى مناطق صحراوية متاخمة للمدن وبعض الحاميات العسكرية المحصنة. نفذت الفصائل المسلحة السلفية المسيطرة على إقليم الأزواد عملية إخلاء واسعة النطاق للثكنات العسكرية الرئيسية التي كانت تابعة للجيش المالي، في إجراء فهم منه أنه تحضير جدي لمواجهة عملية التدخل العسكري، أو أنه يأتي في إطار اتفاق سري تم برعاية حكومة بوركينافاسو التي ترعى مفاوضات بين الأطراف المعنية بالأزمة المالية. ورغم أن بعض المتابعين استبعدوا مثل هذه الفرضية، إلا أنها تبقى قائمة، بحيث بدأت حركة أنصار الدين، وهي القوة العسكرية الرئيسية المسيطرة على إقليم الأزواد، في الترتيب للتصدي لأية عملية عسكرية في الإقليم أو تحسبا لنشر قوات أجنبية فيه، حيث رصدت أجهزة الأمن مشاركة المئات من مقاتلي الفصائل الإسلامية المسلحة في عمليات تدريب واسعة النطاق في منطقة ''طيلية'' شمال غربي تمبكتو. وقال مصدر عليم إن أمراء أنصار الدين وقادة ميدانيين في منظمة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا والقاعدة في بلاد المغرب شاركوا في إدارة هذه التدريبات. ويعتقد أن حركة أنصار الدين بالتعاون مع مجلس شورى يضم قادة ميدانيين من القاعدة والتوحيد والجهاد ومجموعات مسلحة أخرى، بدأت في إعداد الخطط للتصدي لعمليات إنزال قوات التدخل الإفريقية التي قد تنشر في شمال مالي خلال أسابيع. وقررت جماعة أنصار الدين، حسب المعلومات المتوفرة، في نقل أسلحتها الثقيلة خاصة، وقواتها الرئيسية إلى مواقع قريبة من المدن الكبرى في الصحراء، والاكتفاء بإبقاء حاميات صغيرة في المدن لتفادي حصار قواتها الرئيسية وإفنائها. وتأتي هذه الخطوة، حسب مصادرنا، بالتنسيق مع الحركات المسلحة الجهادية القاعدة والتوحيد والجهاد، حيث سحبت القاعدة بناء على أوامر من أمير كتائب الصحراء، يحيى أبو الهمام، كل مقاتليها تقريبا من المدن الرئيسية في تمبكتو، غاو، أنيفيس، تاودني وتسليت، باستثناء مدينة ميناكا التي يواصل فيها مقاتلون من التوحيد والجهاد ملاحقة مقاتلي الحركة الوطنية لتحرير الأزواد. ويهدف هذا الإجراء العسكري، حسب مختصين، إلى التقليل من خسائر الحركات المسلحة أثناء أية عميلة قصف جوي محتملة، بعدما تكررت عمليات مسح إقليم الأزواد جوا من قبل طائرات بدون طيار غربية وطائرات استطلاع مأهولة. ويعتقد قادة الحركات المسلحة السلفية بأن عملية قصف جوي تستهدف مواقع تجمع قوات الفصائل المسلحة وقواعدها داخل المدن ستسبق أي تدخل عسكري، وهو ما دفع هذه الفصائل لسحب قواتها الرئيسية من داخل المدن إلى مواقع محصنة في تخومها، مع إمكانية التدخل في المدن عند الضرورة في أي وقت. ويعتقد بأن التحركات الدولية التي تتم حاليا وكان آخرها تصنيف حركة التوحيد والجهاد من قبل مجلس الأمن الدولي كمنظمة إرهابية، تهدف لأحد أمرين: إما فرض أمر واقع دون قتال على الفصائل المسلحة، يتضمن انسحابها من المدن الرئيسية في الأزواد والسماح بنشر قوة إفريقية دون قتال، وإما التحضير لعمليات حربية ضد الفصائل المسيطرة على المنطقة وطردها وتصفيتها فيما بعد.