دعا المؤرخ المختص في التاريخ الاستعماري، أوليفيي لوكور غرانميزون، الرئيس الفرنسي ل''التحلي بالجرأة بدل الحذر''، ويعترف بجرائم الاستعمار حتى يجعل زيارته للجزائر حدثا. وجاء نداء أوليفيي غرانميزون في رسالة موجهة إلى فرانسوا هولاند، أمس، اعتبر فيها من استشارهم هذا الأخير من الرسميين وغير الرسميين ونصحوه بالحذر ''مخطئين ويغلطون الرئيس''، رغم إشادته بحكمتهم. ويقترح غرانميزون أن يتبنى هولاند في زيارته للجزائر خطوات ''ماكيافيلية''، حيث ''يتحرر من الوسطية الفرنسية التي تحكم ذهنية العديد من الجمهوريين الفرنسيين في اليمين واليسار، ويغذون بموجبها وهم الخصوصية الفرنسية إلى ما لا نهاية''. غرانميزون يقول لهولاند: ''مهما تقول عن الأحداث والتواجد الفرنسي في الجزائر، على حد تعبير بعض الأوفياء للبلاغة المرسخة في عهد الجمهورية الكولونيالية، فإن اليمين المتطرف والاتحاد من أجل الحركة الشعبية وآخرين سيحتجون بقوة...''. وفي الجهة المقابلة، يواصل الكاتب ''قد تخيبون آمال من يؤمنون بأن الاعتراف بجرائم الاستعمار قرار عادل وحق واجب أن تعيده الجمهورية للعديد من الضحايا الفرنسيين والجزائريين''. وبناء على هذا التحليل، يقول غرانميزون لهولاند: ''أتوجه إليكم بهذا الاقتراح الذي من شأنه أن يدخلكم التاريخ في ثوب ذلك الرجل صاحب خطاب تلمسان الشجاع. وبعبارات بسيطة وواضحة قولوا إنكم تعترفون بجرائم استعمارية ارتكبتها فرنسا، فلا شيء أغلى من هذا في الحاضر وأكثر انتظارا''. من جهة أخرى، اعتبر الحزب الشيوعي الفرنسي، في بيان أمس، أن الرئيس الفرنسي ''من واجبه في هذه الزيارة أن يعترف بالجرح التاريخي الذي سببته للأمة الجزائرية مدة 130 سنة من السيطرة والعنف الاستعماري وثماني سنوات من القمع والحرب''. وأضاف بيان الحزب الشيوعي: ''آن الأوان حقا أن نبني علاقة مساواة ونضج مع الجزائر بعد 50 سنة من الاستقلال، والمستقبل المشترك بحاجة لنظرة فرنسية واعية لماضيها الاستعماري...''. ويعتبر البيان زيارة هولاند للجزائر ''فرصة مناسبة للاعتراف أخيرا بحقيقة الاستعمار وجرائم الدولة التي ميزته''، من أجل فتح صفحة جديدة في تاريخ البلدين، ''تسمح بتسوية كافة المسائل الثنائية ثم البحث عن توافق لمواجهة الأزمات والمشاكل المتصلة بالعلاقات الدولية والجهوية سواء في الصحراء الغربية أو مالي''. واعتبرت المؤرخة رافاييل برانش الخطوة التي أقدم عليها فرانسوا هولاند تجاه عائلة موريس أودان ''رمزية'' قبل كل شيء، قائلة: ''لا أعتقد أننا سنكتشف سر دولة'' في أرشيف وزارة الدفاع الذي تعهد هولاند، في مراسلة وجهها لجوزيت أودان (أرملة موريس أودان)، بتسليمها إياه من طرف وزير الدفاع جون إيف لودريان الذي كلفه باستقبالها. ودعت المؤرخة الرئيس الفرنسي لمطالبة كل من الجنرال أوساريس والملازم الأول جيرارد غارسي بالكشف عما يعرفانه بخصوص قضية اغتيال موريس أودان. حيث تعتبر رافاييل برانش هذين العسكريين الوحيدين اللذين باستطاعتهما تقديم الجديد في الملف. أما المهندس هنري بويو، الشاهد على التعذيب الممارس على الجزائريين في ''فيلا'' سوزوني في الجزائر العاصمة، فقال لهولاند في رسالة مفتوحة، إن ''العلاقات الهادئة مع الجزائر لن تأتي بالشراكة الإستراتيجية ولا بتسليم مفاتيح الداي حسين (كما كان مطروحا)، بل باعتراف وتنديد فعليين بمسؤولية فرنسا تجاه الجزائر في الحقبة بين 1830 و1962 وبشكل خاص بين 1954 و.''1962 كما اعتبر صاحب الرسالة أنه ''لا غنى عن إلغاء التأشيرة بين الجزائروفرنسا بالنظر إلى عدد العائلات التي تم ترحيلها من ضفة إلى أخرى، وبالتالي السماح لها بالتبادل الطبيعي''. وختم بويو رسالته ''سيدي الرئيس، زيارتكم تبعث آمالا كثيرة، لا تخيبوا الآمال المعلقة عليكم''.