الضحك صفة كمال في الإنسان كبقية الصفات الّتي تميّزه عن الحيوان، وهي مبعث سرور، ودليل صحّة، وسبب ألفة ومحبّة، إلاّ أنّه لابدّ من ضابط لهذه الصفة الطيّبة، حتّى لا تخرج عن طورها، فتنقلب إلى ضدّها. ولذلك كان ضحكه صلّى اللّه عليه وسلّم مشتملاً على كلّ المعاني الجميلة، والمقاصد النّبيلة، وكان من هديه صلّى اللّه عليه وسلّم ألاّ يُكثر الإنسان من الضحك، ولا يبالغ فيه، فقد قال صلّى اللّه عليه وسلّم: ''يا أبا هريرة أقلّ الضحك، فإنّ كثرة الضحك تُميت القلب''، رواه ابن ماجه، وكان من صفته صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ جل ضحكه كان تبسّمًا. ومواقف ضحكه صلّى اللّه عليه وسلّم متعدّدة متنوّعة، منها ما يكون مع الأصحاب المقرّبين، عندما يضحك صلّى اللّه عليه وسلّم ممازحًا ومواسيًا أصحابه الكرام، ومنها ما يكون مع الأعراب الغِلاظ الشداد، يضحك معهم ليُشعرهم بالسَّعة والرّحمة والنِّعمة الّتي جاء بها الإسلام، وأنّ الدّين فيه فسحة ورفق ولين، فيقابل الإساءة بالإحسان، والعبوس بالضحك، ومنها ما يكون فرحًا بانتشار الإسلام، وذلك عندما دخل صلّى اللّه عليه وسلّم على أم حرام بنت مِلحان وهي من محارمه، فأطعمته، ثمّ جلست تفلي رأسه، فنام رسول اللّه، ثمّ استيقظ وهو يضحك، فقالت: ما يضحكك يا رسول اللّه؟ قال: ''ناس من أمّتي، عرضوا عليّ غزاة في سبيل اللّه، يركبون ثبج - وسط- البحر، ملوكًا على الأسِرّة، أو مثل الملوك على الأسرة'' متفق عليه.