تجرى اليوم انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، بعد حملة ترشيحات وتحالفات فاحت منها في ولايات رائحة ''الخيانة'' و''الشكارة''، وتبوأ فيها منتخبو الأحزاب الصغيرة مكانة ''مرموقة''، يغازل فيها مترشحو الأحزاب الكبيرة أصواتهم، بينما حامت التحالفات عبر محوري الأفالان والأرندي. ستكون المواجهة مباشرة بين الأفالان، الذي يسعى للحفاظ على الأغلبية مثلما أسفرت عنه انتخابات 2009، وبين الأرندي الذي يحاول تعزيز مكانته، بالاستثمار في نتائج الانتخابات المحلية، التي احتل فيها المرتبة الثانية بعد الأفالان، وسينتخب اليوم قرابة 27 ألف منتخب لكافة الأحزاب التي حازت على مقاعد في الانتخابات المحلية وعددها 52 حزبا، عضوا واحدا لمجلس الأمة، في كل ولاية، ويبقى الأفالان، نظريا، في طليعة الأحزاب من حيث عدد المنتخبين المصوتين، ب7776 مقعد بلدي وولائي، مقابل 6489 للأرندي، ويمثل الرقمان تقاربا أشعل فتيل تحالفات لعب فيها مترشحو الأحزاب دورا محوريا سيترجم في قلب نتائج اقتراع ''الغرفة العليا''، على غرار ما يتواتر من معلومات، بولايات، أعاد فيها المنتخبون أساليب غير أخلاقية، تمثلت في شراء الذمم واستعمال المال السياسي على نطاق واسع، كما فاحت رائحة الخيانة بين منتخبين في التحالف سواء مع الأفالان أو مع الأرندي، كحزبين متنافسين، وما دونهما كان عبارة عن حلقات تدور على محور منتخبي هذين الحزبين، إضافة إلى الوافد الجديد، حزب الحركة الشعبية لعمارة بن يونس الذي حل في المرتبة الثالثة في الانتخابات المحلية، وحصد قرابة 1600 مقعد. ويخرج من سباق الانتخابات كل عضو قضى ست سنوات في مجلس الأمة الذي يتشكل من 144 عضو، بينما سيعين الرئيس بوتفليقة 24 عضوا ضمن الثلث الرئاسي بحساب التجديد النصفي مرة كل ثلاث سنوات، ويطرح في هذا الشأن مصير رئيس مجلس الأمة الحالي، عبد القادر بن صالح، باعتباره قضى (ست سنوات)، وما إذا كان الرئيس بوتفليقة سيجدد تواجده في الغرفة العليا، عن طريق التعيين؟ أم أن حسابات الظرف السياسي ستملي تعيين رجل آخر غير بن صالح؟ خاصة أن الأجندة السياسية إلى 2014 مشبعة بالمواعيد الكبرى على غرار تعديل الدستور والانتخابات الرئاسية. ويوجد الأفالان في حالة استنفار قصوى، من خلال سعيه لتعزيز مواقعه داخل مجلس الأمة، بعد خسارته العديد من البلديات في موعد 29 نوفمبر المنصرم، بسبب المادة 80 من قانون الانتخابات التي صادق عليها هو بالذات، ويزداد الضغط أكثر على عبد العزيز بلخادم، بعد تحميله مسؤولية ''الخسارة'' ومطالبة الخصوم برحيله، موازاة مع تحالفات انتخابات مجلس الأمة التي تسير ضده، كما كان عليه الحال خلال تحالفات تنصيب المجالس البلدية والولائية، بينما أعلنت الأمينة العامة لحزب العمال صراحة أن الحزب اختار التحالف مع مترشحي الأرندي مع دراسة الوضع حالة بحالة، فيما اعتبرته ''توافقا'' للحزب مع الأرندي في المجال الاقتصادي، كالدفاع عن قاعدة 51 و49 بالمائة. واشتد التنافس أيضا بين المنتخبين المحليين الذين خسروا معركة الالتحاق بالمجلس الشعبي الوطني في الانتخابات التشريعية، وفازوا في المحليات على أمل الالتحاق ب''السينا''، كما حاول أعضاء من مجلس الأمة المنتهية عهدتهم الترشح في الاقتراع المحلي من أجل العودة إلى مناصبهم، لكنهم منعوا قانونا، وحرموا من منصب فيه من المغريات ما جعل مترشحين تحت رحمة منتخبين، يغيرون ولاءاتهم في الصباح وفي المساء، بحسب ما تمليه معطيات، منها ''الشكارة'' و''الوعود بمناصب'' وغيرها من امتيازات تسقط أمامها كل معاني ''الخيانة''.