توفي المجاهد أحمد مهساس، أحد مهندسي الثورة التحريرية، صبيحة أمس، بمستشفى عين النعجة العسكري في الجزائر العاصمة، عن عمر ناهز 90 سنة، بعد دخوله الخميس الماضي في غيبوبة إثر مرض عضال، حيث كان من المقرر تكريمه في وزارة الفلاحة، باعتباره ثاني وزير للقطاع. ويشيّع جثمان الفقيد، ظهر اليوم، إلى مثواه الأخير، بمقبرة العالية في الجزائر العاصمة، ملتحقا برفيق دربه الرئيس الراحل أحمد بن بلة. شاءت الأقدار أن يكون يوم رحيل المجاهد أحمد مهساس إلى جوار ربه، هو نفس اليوم الذي انتهت فيه حلقات حواره المطول، التي نشرت تباعا على صفحات ''الخبر''، وأخرج فيها بعض ما بجعبته من معلومات وتفاصيل تاريخية، حبسها خمسينية كاملة، خوفا من عدم رؤيتها النور، وهو الذي لطالما اعتبر أن النظام يسعى إلى تهميشه وطمس سنوات نضاله وتاريخه الثوري، ما أدخله في عزلة ووحدة طويلة. لم تسع الفرحة أحمد مهساس وهو يطالع عصارة تاريخه النضالي على صفحات ''الخبر''، مثلما أكده لنا خلال الأسبوع الماضي. وقُدّر لروح المجاهد مهساس أن تودع جسده، في نفس اليوم الذي كان من المفترض أن يلتقي فيه بصحفي ''الخبر'' الذي أجرى معه الحوار، لإثارة خبايا أخرى ظلت في الدهاليز المظلمة من ذاكرته، رفض الإفصاح عنها سابقا، إلا أنه قرر إطلاق العنان للسانه علّه يبوح بما لم يقله بعد، فمات وفي نفسه خبايا تاريخية، وعد بالكشف عنها في الوقت المناسب. عاجلت المنية مهساس ولم يكن يعلم أن هذه الأخيرة كانت تغازله من قريب، صبيحة الخميس، ليكون توديعه لابنته في المطار على أمل اللقاء، توديعا أبديا، وأن ملاك الموت جعله يضرب لصحفي ''الخبر'' موعدا، هو نفسه ذلك الذي فاضت فيه روحه إلى بارئها. ويشيّع، ظهر اليوم، جثمان أحمد مهساس، بمقبرة العالية في العاصمة، ليلتحق بصديقه ورفيق دربه الرئيس الراحل أحمد بن بلة، تاركا وراءه عديد الاستفهامات حول القضايا التي كان ينوي التطرق إليها والمتعلقة بفترة ما بعد الاستقلال، بعد أن قدّم عصارة نضاله قبل وإبان الثورة.