العالم متواضعٌ بين يدي اللّه، خادمٌ لعباد اللّه، إنْ طُلبتَ منه حاجة قضاها، أو مساعدة لضعيف أدّاها، أو معونة ليتيم أو أرملة أو مسكين غذّاها، حَسَنُ المداراة لجلسائه، رفيقٌ لطيفٌ بمَن يسائله، يتجافى عن الدّنيا، ويبتعد عن الرزايا، ويفرُّ إلى اللّه من الخطايا، صبورٌ على جهل الجاهلين، حليمٌ على جفاء النّاكثين، لا يخوض فيما لا يعنيه، ولا يستمع لما يشقيه، ولا يُعنِّف سائلاً بقبيح لئلاّ يخجله، يجتهد برأيه بما يوافق الكتاب والسنَّة مع ملاحظة مسؤوليته بين يدي اللّه فيما اجتهد، ولا يستحيي إذا لم يعلم أن يقول: لا أعلم. ويجتَنِب إجابةً على سؤال يورث فتنة أو يوقع الغير بمحنة، وإن اشتبه الأمر عليه ردَّهُ إلى غيره من العلماء مثله، كالطبيب يضع الدواء حيث يعلم منه الشّفاء. لا يُماري أحدًا من العلماء، ولا يجادل أحدًا من الفقهاء، بل يداري بنشر حكمته، ويبيّن طريق علمه، فهو حريص على أن لا تفوته ثانية من الزمن مشغولاً فيها عن اللّه، فهو دائمًا يحب خطأه وصواب غيره لئلاّ يدخل تأثّرًا على أحد من المسلمين، لا يؤاخذ غيره بالعثرات، ولا يفشي سِرَّ مَن عاداه، ذليلٌ للحقّ، عزيزٌ عن الباطل، يكظم غيظه عن المُعادي من غير شحناء ولا بغضاء.