أسعار القضايا بين 20 و90 مليونا للفقراء و150 مليون فما فوق للأغنياء أمر قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة بمحكمة عنابة، عشية أمس، بوضع قاضية ''مزيفة'' وحلاقة في الحبس المؤقت، عن تهمة النصب والاحتيال، راح ضحيتها العشرات من المواطنين ممن لديهم قضايا متنازع عليها على مستوى مجلس قضاء عنابة. حسب مصادر ''الخبر''، سيتم إحالة ملف المستشار والقاضي بالمحكمة العليا المدعو'' ك.ع''، الذي ورد اسمه في محضر سماع الحلاقة والقاضية ''المزيفة'' من طرف فصيلة الأبحاث للدرك الوطني، على التحقيق من طرف أعلى الهيئات القضائية بوزارة العدل، على خلفية ذكره من طرف إحدى المتهمات، عن كونها كانت تشتغل لصالحه ك''وسيطة'' لدى المتقاضين على مستوى ولايات شرق البلاد، وتحديدا بولايتي قسنطينةوعنابة، مقابل الحصول على عمولة ''رشوة'' عن كل قضية يتم التدخل بشأنها والفصل فيها لدى القضاة الناشطين على مستوى مجلسي قضاء عنابةوقسنطينة. واعترفت القاضية ''المزيفة''، حسب مصادرنا، أمام الضبطية القضائية، خلال فترة حجزها لمدة 72 ساعة من طرف مصالح الدرك الوطني، أن لها علاقة ''صداقة'' قديمة بالقاضي المستشار بالمحكمة العليا، وأنها كانت على اتصال دائم به، فيما يتعلق بتسوية الملفات القضائية العالقة على مستوى مجلس قضاء عنابة من أجل تسويتها بمقابل مالي. واعترفت الموقوفة أيضا، حسب ذات المصادر، بأنها كانت تحدد، بالتشاور مع هذا المستشار بالمحكمة العليا، الذي سبق له أن اشتغل كقاض بالغرفة الجزائية بمجلس قضاء عنابة في سنوات ماضية، قبل التحاقه بمنصب مستشار بمحكمة العليا، أسعار الفصل في القضايا حسب الحالة الاجتماعية لكل شخص، فعلى سبيل المثال فإن فئة الفقراء يحدد لهم مبلغ يتراوح بين 20 و90 مليون سنتيم حسب نوع وحجم القضية، في حين يتجاوز السعر المحدد للأغنياء بين 150 وما فوق. وجاء اكتشاف خيوط هذه الفضيحة، من طرف فصيلة الأبحاث للدرك الوطني، منذ 4 أيام، حينما تلقت مصالحها معلومات مفادها، تعرض امرأتين تشتغلان بمديرية التربية بولاية عنابة، للنصب والاحتيال من طرف قاضية ''مزيفة'' تم التعرف عليها عن طريق حلاقة بحي الفخارين ببلدية عنابة، والتي توسطت لهما، من أجل تسوية ملف قضائي على مستوى مجلس قضاء عنابة، متورط فيه أقارب إحداهما متواجد رهن الحبس بالمؤسسة العقابية، حيث أوهمتهما القاضية ''المزيفة''، التي تشتغل في حقيقة الأمر كتاجرة عطور، بأن لديها علاقات على مستوى محلي ومركزي بقضاة بمجلس قضاء عنابة ومستشارين بالمحكمة العليا من أجل تسوية ملفيهما، وصلت إلى حد إقناع الضحيتين بإخراج أقاربهما من السجن، مقابل تسديد مبالغ مالية في شكل عمولة ''رشوة'' إلى أحد المستشارين بالمحكمة العليا، الذي سيتدخل شخصيا، حسب اعترافاتها، لتسوية الملفين. واعترفت الضحيتان بأنهما قامتا منذ بداية جانفي الماضي، بتسديد مبالغ مالية تتراوح بين 10 و15 مليون سنتيم كتسبيق لشروع الأطراف المعنية بحل الملف المتنازع عليه. وكشفت عملية تدقيق مصالح الدرك الوطني في جدول المكالمات الهاتفية خلال الفترة الممتدة بين جانفي الماضي إلى غاية 16 مارس الجاري، وجود اتصالات دائمة بين المستشار بالمحكمة العليا والقاضية ''المزيفة''، إضافة إلى اتصالات أجريت بين الضحايا والحلاقة التي توسطت لهن للتعرف على القاضية المزيفة. ولم تتوقف التحريات عند هذا الحد بل اكتشف المحققون تلقي المستشار بالمحكمة العليا حوالي 15 حوالة بريدية وتحويل عن طريق البريد الإلكتروني في حسابه البريدي الشخصي، خلال الفترة الممتدة بين بداية جانفي إلى يومنا هذا، منها حوالات بريدية بمبالغ تتراوح بين 10 و20 مليون سنتيم تم صبها من طرف الوسيطة، إضافة إلى اكتشاف صب المستشار بالمحكمة العليا بنفسه وفي حسابه الشخصي لمبالغ مالية أخرى تتراوح بين 2 و5 ملايين سنتيم دوريا، ما طرح تساؤلات حول أسباب وعلاقة قاضي ومستشار بمحكمة عليا بتاجرة عطور تنتحل أمام زبائنها صفة القاضية. وعلمت ''الخبر'' أن النيابة العامة لدى مجلس قضاء عنابة، فور إخطارها من طرف الدرك الوطني، سارعت إلى تحرير تقارير نيابية، سيتم رفعها قريبا إلى وزير العدل حافظ الأختام شخصيا، ونسخ منها إلى المحكمة العليا، للتحقيق في ملف هذا المستشار بالمحكمة العليا، الذي ورد اسمه عن قصد وغير قصد في ملف استجواب الضبطية القضائية للمتهمين، الذين لم يترددوا في ذكر اسمه وحتى مبالغ العمولات التي يتحصل عليها مقابل تدخله لتسويتها على مستوى محاكم الجمهورية. وأضافت مصادرنا، بأن النيابة العامة ستحيل الملف وفق الإجراءات المتبعة قانونيا لسماع القضاة المشتبه بتورطهم في قضايا فساد وشبهة تلقي رشاوى من المتقاضين والوسطاء.