يرى قيادي الأفافاس ووزير التعليم العالي سابقا، عبد السلام علي راشدي، أن أعضاء لجنة تعديل الدستور، خبراء قانون، ''يصيغون فقط تعديلات دستورية جاهزة، وجدت فقط لمعالجة قضية خلافة الرئيس بوتفليقة''، ويقترح راشدي إنشاء ''نواح'' في البلاد، ومقترحات أخرى في الدستور. اختلفت المواقف بخصوص لجنة تعديل الدستور التي نصبها الرئيس، ما رأيك فيها وفي المهام المسندة إليها؟ أول ملاحظة هي أن قضية الدستور ليست قضية تقنية أو قضية خبراء قانون، وإنما قضية سياسية وقضية خيارات مجتمع. كيف ذلك ؟ تقريبا هناك دستور واحد منذ الاستقلال، سوى ما تعلق بتغييرات طفيفة، الدستور القائم مبني على أسس إيديولوجية، وشعبوية، تمحورت حول العروبة والإسلام.. لا ينبغي التركيز على الطابع الإيديولوجي في صياغة الدستور، بل يجب التركيز على السلطات وكيف تسير. هل من شرح أوسع؟ أنا أقترح تعريف البلد باسم ''الجمهورية الجزائرية'' دون أن أضيف لها ''الديمقراطية الشعبية''، لأن هذه التسمية بالإضافة المذكورة جاءت من أوروبا الشرقية، كما أقترح أن تسمى الغرفة السفلى ب''المجلس الوطني'' بدلا من ''المجلس الشعبي الوطني''.. يجب أن نخرج من الشعبوية من أجل بناء جمهورية ثانية. وبالنسبة للدستور الجزائري، نلاحظ أن السلطات المركزية تتحكم في كل شيء، أما السلطات المحلية فليست لها صلاحيات، مثلا مداولات المجلس البلدي رهينة قبول أو رفض الوالي، ويجب منح الحرية في إدارة الجماعات المحلية، وهذا المبدأ نفتقده. كما أن لدينا الولاية والبلدية، لكن ليس لنا ''الجهة'' أو ''الناحية''، إذ لا يمكن أن نعتمد ونبني على الولاية فقط، وهذا يحجب مبدأ التنسيق في ظل غياب ''الناحية'' أو ''الجهة''، لذلك نقترح إنشاء ''ناحية'' تكون منتخبة كما ينتخب المجلس الولائي. والملاحظ أيضا أنه حتى السلطتان القضائية والتشريعية مركزتان على السلطة التنفيذية، وحتى في السلطة المركزية كل شيء مركز في الرئيس، فلا صلاحيات للوزراء الذين صاروا موظفين وصار الأمين العام والوزير لا يختلفان. وهل تعتقد أن لجنة التعديل ستأخذ بعين الاعتبار مقترحات الطبقة السياسية؟ تعديل الدستور الذي يحضر له، وجد من أجل حل مشكلة واحدة فقط، هي خلافة الرئيس بوتفليقة، من خلال طرح خيارات استحداث منصب نائب الرئيس أو العهدة الرابعة أو تمديد العهدة إلى سبع سنوات، ليس هناك تفكير أو نقاش عميق، والنقاش الحقيقي يدور في الخفاء. كما أننا لما نرى مكونات اللجنة، فهي تتألف من أخصائيين، وهم منصبون من أجل الصياغة القانونية فقط، وليس لديها حرية الاقتراح. لكن الرئيس أمر بطرح وثيقة التعديل التي بنيت على مشاورات مع الأحزاب؟ لا أظن أنه سيكون هناك تعديل معمق كما سبق وقلت لك، والتعديل الحقيقي الذي يتماشى مع طموحات الشعب يجب أن ينزل إلى القاعدة، ويفتح فيه النقاش مع المواطنين. ثم هل مازالت هناك أحزاب؟ أعتقد أنه ليست هناك مصداقية للأحزاب، نحن في ''حزب البديل'' لم يرخص لنا، بمبرر أن وثيقة الحزب غير مطابقة للدستور، والسبب هو تطرقنا لمسألة إنشاء النواحي، فهم يخلطون بين مقترح إنشاء النواحي وبين مسألة ''الجهوية'' بمعناها السلبي.. أريد أن أثير مسألة كون الدستور يعطي كل الصلاحيات لشخص واحد، ما يضعه تحت الضغط، وبالتالي يئن الشعب كذلك تحت الضغط، نحن نقترح لا مركزية حقيقية وإنشاء مجالس النواحي وضمان استقلالية العدالة ومنح صلاحيات لرئيس الحكومة في السلطة التنفيذية، مع تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، فليس من الضروري أن يكون رئيس الجمهورية هو وزير الدفاع الوطني. هناك من يقول إن الدستور الحالي لا بأس به في محاور معينة؟ فكرة المبادئ في الدستور القائم لا بأس بها، نعم، ولكن إضافة ''وهذا طبقا لما ينص عليه القانون'' تطرح إشكاليات جمة، ومعروف أن هناك قوانين غير ديمقراطية، وهناك تعسف في استعمال القانون، كما أنه في حالات تحيل قضية معينة للقانون، تجد تناقضات في التفسير.. نحن ندعو إلى جمهورية ثانية، نخرج من طابع الشعبوية إلى طابع العصرنة.. والمشكل عندنا أن ''لدينا سلطة خفية، ومن يتخذ القرارات غير مسؤول دستوريا عن قراراته، والمسؤول المفترض لا يقرر، وببساطة أصحاب القرار لا توجد أسماؤهم، وفي الواقع هم من يقررون.