بالأمس، كانت أحداث الزيت والسكر التي تزامنت مع أحداث الربيع العربي، ولا حديث في الساحة السياسية الجزائرية إلا عن تحديد عدد العهدات الرئاسية آنذاك. وبمجرد أن توقفت تلك الأحداث وتوقف زحف رياح التغيير إلى بلدان عربية أخرى، عاد الحديث عن العهدة الرابعة ولم يعد هناك أي حديث خارج العهدة الرابعة. واليوم الرئيس مريض ونقل إلى مستشفى ''فال دوغراس'' الفرنسي، وأصبح بالتالي الحديث عن العهدة الرابعة ضربا من الخيال. لكن بعد أيام من الآن سيعود الرئيس إلى الظهور وسننسى مرضه ونعود للحديث عن العهدة الرابعة... كأن العهدة الرابعة وعدمها يتعاقبان علينا كتعاقب الليل والنهار وتعاقب الفصول الأربعة، ومن ثمة الأولى أن ندخلها في النشريات الخاصة للأرصاد الجوية. ألا يوجد من يقول كلمته في مستقبل هذا البلد، دون انتظار مصير الأشخاص؟ الجواب واضح، وإلا لما أصبح مرض الرئيس أسطورة نرويها منذ سنوات ولا ندري نهايتها. وتراوحت هذه الأسطورة بين من اقتنعوا بأن الرئيس لم يعد قادرا على أداء مهامه الرئاسية، لكنهم عاجزون عن إيجاد الحل لإخراج البلاد من حالة الركود، وهم بذلك يجتهدون لإيجاد الصيغة الدستورية أو السيناريو السياسي الأمثل لتنظيم خلافة الرئيس دون خسائر تذكر، وبين من اقتنعوا بأن الرئيس غير مريض تماما، وأخبار مرضه كلها تمثيليات، الهدف منها كسب عطف الشعب الجزائري أمام عجزه عن كسب ثقتهم وعجزه عن الاستجابة لطموحاتهم. وبما أن الفرضيتين قائمتان على القناعة الفردية وليس على العلم اليقين، فحتى مرصد الأحوال الجوية لن يحل المشكلة. وبقي في هذه الحالة ربما المختصون في حوار الأديان ليحاضروا في الموضوع ويحاولوا تقريبنا من الحقيقة والمخرج من النفق الذي ندفع به أنفسنا كلما تأخرنا في فك أسطورة مرض الرئيس، وكيف يمكن أن نعيد لمؤسسات الجمهورية نشاطها العادي.